«إقصاء النساء» فى أبهج صوره

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأحد 16 سبتمبر 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

بقدر إعجابى الكبير بالفيلم المغربى «انرومان من لحم ودم» وفرحتى بعمل سينمائى يكشف عوارا حقيقيا للمجتمع المغربى ومجتمعات عربية أخرى يتمثل فى واقع الحياة القاسية للمرأة واضطهاد حقوقها وحصرها فى دوائر الحرمان، بقدر حزنى الشديد على دموع مخرجه الشاب عز الدين العلوى عقب العرض من النسخة الرديئة التى عرض بها الفيلم فى مهرجان الإسكندرية السينمائى.

 

اعتذر المخرج  للحضور وقال إنه كاد يصرخ طوال العرض وانه ذهب لغرفة العرض ليعرف كيف شوهت الصورة والصوت والموسيقى لكنه فوجئ بأن ادارة المهرجان عرضت نسخة دى فى دى رغم انه منحهم نسخة 35م واندهش الجميع كيف يحدث ذلك وما كان من المشاهدين إلا أنهم اعتذروا له عن خطأ المهرجان الذى تكرر فى فيلم إسبانى سابق حسب رواية الناقد السينمائى طارق الشناوى.

 

ولم يهدأ المخرج إلا بعد كلمات الثناء والإشادة بعمله السينمائى، وهنا كشف المخرج عن الصدمة التى تعانى منها المرأة فى واقع المغرب العميق وحقوقها الضائعة وقهرها وقال «ليس شرطا عندما تتعرض مدافعا عن حقوق الإنسان أن تظهر الصورة القاتمة للسجون والمعتقلات هناك من هو أهم وهو الإنسان الذى يعيش حالات الفقر فى الجبال والقرى هناك البعض لا يعرفون ما يحدث حاليا مثلا فى سوريا ولا يعلمون شيئا عن وسائل الإعلام بل هناك من يعتقد ان محمد الخامس مازال حيا.

 

والفيلم الذى يعالج واقع المرأة بقرية نائية وكيف أنها تحرم من الإرث والحق فى الحب حتى أننا نرى الرجل الذى رزق ببنتين يتعرض للازدراء إلى درجه تجعله  يجبر ابنته الكبرى اندرو مان أو الممثلة جليلة تلمسين أن تعيش بلا روح كرجل تحلق شعرها.

 

وتمنع كل وسائل الزينة. وخصوصية هذا الفيلم نراها فى نضج المخرج وذكائه وفهمه للتقنيات السينمائية الحديثة التى كان لها  قوة التأثير فى المشاهد وخاصة فى الصورة الساحرة لوفاة الابنة الصغرى رقية وهى ملقاة على الشجرة  متأثرة بقهر الأب لها كأنثى وبالمطر الغزير وكأن الأب اغتصب روحها بقسوة تصرفاته ورفضه لوجود إناث فى حياته.

 

أيضا مشهد الفتاه الكبرى حالقة الرأس وهى تركب الحصان وتدخل سباق وتفوز بخطف شارة الحرية وكان التدقيق فى تفاصيل القصة هى وراء القيمة الفنية الإيجابية التى ينبهر مع لقطاتها المشاهد.

 

«أندرومان» هو عنوان الفيلم واسم شجرة بالأمازيغية وتحمله كذلك الفتاة البكر للأب العنيف والمتصلب «أوشن» «محمد خيى» والمتأمل لمشهد صراخه بعد موت ابنته رقية يدرك أنه قدم اداء فنيا راقيا. أما الممثلة «جليلة تلمسين» التى لعبت دور اندورمان ونحن نشاهدها تتحدى الضغط والقمع والصعاب بنظراتها القاسية الممزوجتين بالسخط ووجهها الحديدى لتكشف لنا عن صراع داخلى وأنوثة تتطلع للحب مثلها مثل جميع نساء العالم، وأوصلت رسالة المخرج «إقصاء النساء» فى أبهج صوره.

 

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved