أخبرونا كما لو أننا إيطاليون

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 16 سبتمبر 2016 - 10:45 م بتوقيت القاهرة

رغم مرور أسبوع على ابلاغ المستشار نبيل صادق، النائب العام، السلطات الإيطالية بأن هناك «شكوكا ضعيفة» حول ارتباط عصابة «خطف الأجانب» التى قتل أفرادها فى مواجهة مع رجال الشرطة فى التجمع الخامس، بواقعة خطف وتعذيب الباحث الإيطالى جوليو ريجينى، الا ان أى جهة رسمية فى الدولة، لم تخرج علينا ببيان يوضح حقيقة مقتل هؤلاء المواطنين، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل.. إلى متى سيظل الدم المصرى رخيصا ومستباحا ولا يحاسب المتسببين فى اراقته على جرائمهم؟.

بداية القضية تعود إلى يوم 24 مارس الماضى، عندما صرح مسئول المركز الإعلامى الأمنى بوزارة الداخلية، بأن الأجهزة الأمنية، تمكنت من استهداف تشكيل عصابى بنطاق القاهرة الجديدة، تخصص فى انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه، ومصرعهم جميعا عقب تبادل إطلاق الأعيرة النارية مع قوات الشرطة، مشيرا إلى انه بتفتيش منزل شقيقة المتهم الأول، عثر بداخله على حقيبة هاند باج حمراء اللون عليها علم دولة إيطاليا بداخلها (محفظة جلد بنية اللون بها جواز سفر باسم / جوليو ريجينى مواليد 1988، كارنيه الجامعة الأمريكية الخاص به وعليه صورة الشخصية ومدون به باللغة الإنجليزية باحث مساعد، كارنيه جامعة كامبريدج خاص به، فيزا كارت خاصة به، 2 هاتف محمول – كما عثر على حافظة جلدية حريمى مدون عليها باللغة الإنجليزية عبارة LOVE، ومبلغ 5 آلاف جنيه، قطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش وزنت 15 جراما، ساعة يد حريمى سوداء اللون، ثلاث نظارات شمسية).

رأى الكثيرون ان هذا البيان قصد به بشكل غير مباشر، الربط بين هذه العصابة وبين مقتل الباحث الايطالى، الذى عثر على جثته بالطريق الصحراوى بداية فبراير الماضى، ومن ثم «اسكات» السلطات الإيطالية التى كانت تضغط بشدة من أجل معرفة الحقيقة كاملة فى قضية مقتله، الا ان هذه المحاولة باءت بالفشل ولم تقتنع بها روما، وواصلت التصعيد إلى أبعد مدى، حتى جاءت لحظة الحقيقة بالبيان الأخير للمستشار نبيل صادق، والذى أشادت به السلطات الايطالية كثيرا، لأنه حمل حقائق جديدة كانت تصر على معرفتها منذ فترة طويلة.

الواقع ان ما يثير الأسى والحزن فى هذا البيان، ان الحكومة المصرية لم تكلف نفسها عناء اصدار بيان لشعبها أولا، يوضح حقيقة مقتل هؤلاء المواطنين، بعد استبعاد تورطهم فى قتل وتعذيب ريجينى، وكأنهم مجرد كائنات لا قيمة لها على الاطلاق، وان دماءهم رخيصة إلى حد ان يتم تصفيتهم من دون ان يتم شرح ملابسات الواقعة والتهم الحقيقية الموجهة لهم، وهل كان فى الامكان إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة أم لا؟.

لا يمكن لأى شخص ان يدافع عن مجرم، بل على العكس تماما، فإننا نشد على ايدى رجال الشرطة لمواجهة الجرائم والمتورطين فيها بكل قوة وحزم، لكن حتى هؤلاء المجرمين لهم حقوق كفلها الدستور والقانون، اهمها ان يتم تقديمهم لمحاكمة عادلة، يستطيعون خلالها الدفاع عن انفسهم بكل السبل والوسائل المتاحة، وان يتم معاملتهم معاملة «البرىء إلى أن تثبت ادانتهم»، لا ان يتم تصفيتهم كمجرمين وإصدار حكم الادانة بحقهم قبل ان يقول القضاء كلمته العادلة فيما هو موجه لهم من اتهامات.

الحكومة مطالبة الآن وبشكل سريع ان تخبر شعبها ــ مثلما أخبرت السلطات الإيطالية ــ بحقيقة ما جرى فى حادث التجمع الخامس، ونتائج التحقيقات التى تمت فى تلك الواقعة، حتى لا يترسخ عند البعض اعتقاد خاطئ، بأن الدم المصرى أصبح سلعة رخيصة، وأنه يمكن إراقته من دون ان يتعرض من قام بهذا العمل الاجرامى للملاحقة والعقاب.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved