التجربة الفنلندية فى التعليم

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 16 سبتمبر 2019 - 10:50 م بتوقيت القاهرة

التعليم هو نقطة الانطلاق التى اعتمدت عليها جميع الأمم والشعوب فى تحقيق نهضتها، وامتلاك أسباب القوة والمنعة، والاستحواذ على أسس المنافسة الجادة فى ركب الحضارة الإنسانية، وسيظل تطوير التعليم المفتاح الحقيقى لحل المشكلات التى تعانى منها البلدان التى شاءت ظروفها التراجع إلى الخلف فى سباق لا يرحم ولا يعطى أحدا فرصة التقدم إلا بالجهد والعرق والعمل المخلص.

قبل أيام شهدت القاهرة زيارة وفد ضم رئيسة فنلندا السابقة ورئيسة مجلس أوصياء جامعة هلسنكى، تاريا هالونين، وعددا من مسئولى التعليم فى بلادها لعرض تجربتهم فى التعليم، بالتزامن مع افتتاح المركز الاقليمى لتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع فنلندا التى تعد واحدة من أهم الدول تقدما فى مجال التعليم.

الوفد الفنلندى التقى وزير التعليم الدكتور طارق شوقى، ولفت نظرى ما قالته جانا بالويارفى، مدير عام وزارة التربية والتعليم الفنلندية، من أن التعليم بمثابة حجر الأساس فى الجانب الاقتصادى، وأن بلادها كانت تتعافى فى الستينيات من القرن الماضى من آثار الحرب العالمية الثانية، وكان اقتصادها قائما على الزراعة، لكنها استطاعت بالتركيز على التعليم الخروج من دائرة البلدان الفقيرة.

وحسب المسئولة الفنلندية فإن المعلم فى مرحلة التعليم الأساسى هو بيت القصيد، ولا بد وأن يكون حاصلا على درجة الماجستير، فضلا عن توفير بيئة تحفز التلاميذ على التعلم الجيد، مع خلق فرص متساوية للتعليم فى جميع القرى والمناطق، لأن أهم شىء هو «وجود نظام تعليمى مبنى على المساواة والعدل».

زيارة الوفد الفنلندى جعلتنى أعود إلى تقرير نشرته الزميلة نيفين أشرف، محررة شئون التعليم المجتهدة، على بوابة الشروق «الخميس 21 ديسمبر 2017» ورصدت من خلاله واقع التعليم فى فنلندا مقارنة بأحوال التعليم فى مصر خاصة فى مرحلة التعليم الأساسى.

ووفق التقرير الذى اقتبس منه «تعتبر فنلندا ثامن أكبر بلد أوروبى من حيث المساحة، وأقلها من حيث الكثافة السكانية، ويبلغ تعداد جميع سكانها 5.5 مليون نسمة، والمعلمون هم المسئولون عن وضع وضبط السياسات التعليمية»، كما «يحتل التعليم الفنلندى المرتبة الأولى عالميا طبقا لتصنيف المنتدى الاقتصادى العالمى».

* تركز سياسة التعليم فى فنلندا بشكل أساسى على العمق فى المضمون المدروس، بدلا من زيادة المضمون والتعامل معه بسطحية، ويعمل المعلمون فى الفصول لمدة 4 ساعات يوميا و20 ساعة أسبوعيا، ومع تقلص ساعات الدراسة تزداد فترات الراحة أو الفسحة نسبيا لتصل 75 دقيقة موزعة على اليوم الدراسى.

* تضم الفصول عددا لا يتجاوز 20 طالبا فى الفصل الواحد، مما يضمن للمعلمين مراقبة الطلاب بعناية، وأوضحت الدراسات أن المدرسة تخصص معلما لكل سبعة أو ثمانية طلاب، وأن هناك ارتباطا وثيقا بين المعلم والطالب، حيث يستمر المدرس فى فنلندا مع تلاميذ الفصل لمدة تصل إلى 5 سنوات دراسية.

* يقضى المعلمون فى فنلندا عدد ساعات قليلا فى المدرسة، ويعتمد الأطفال على اللعب فى المدرسة حتى فى الشتاء، إيمانا بأن اللعب واستخدام المخيلة والاستكشاف الذاتى، هو أساس التعليم فى هذه السن الصغيرة، كما يحصل الأطفال على قدر قليل من الواجبات المدرسية، ولا يجب أن تتجاوز مدة أدائها نصف ساعة يوميا.
وبالنسبة لمصر، فإن نظامنا التعليمى يعانى من مشكلة الكثافة الطلابية العالية، والعجز فى عدد المدرسين عامة، والمؤهلين بشكل جيد خاصة، مع قلة عدد المدارس وعدم قدرة الوزارة على بناء مدارس جديدة تستوعب الزيادة المستمرة فى أعداد الطلاب، وتقدر الكثافة بنحو 130 طالبا فى الفصل الواحد فى بعض المدارس الحكومية، وطبقا لارقام صادرة عن هيئة الأبنية التعليمية، تحتاج الوزارة لأكثر من 50 ألف فصل لخفض الكثافة إلى 45 طالبا بالفصل.

طبعا المقارنة ربما تكون ظالمة لنظام التعليم المصرى، غير أن التجربة التى عرضها الجانب الفنلندى ربما تكون حافزا على المضى فى مشوار الألف ميل للتطوير، وألا يتملكنا الاحباط، لأن فنلندا ذاتها، ورغم قلة عدد سكانها، مرت بظروف ربما كانت أسوأ قبل حدوث نهضتها التعليمية، فبناء الإنسان صمام أمان الأوطان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved