هل يجدد الشعب الأمريكى لترامب؟!

إكرام لمعي
إكرام لمعي

آخر تحديث: الجمعة 16 أكتوبر 2020 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

منذ أكثر من أربع سنوات كان هناك لقاء للقامات السياسية والثقافية بمصر فى واحدة من أكبر الصحف القومية وذلك لمناقشة حظ ترامب فى الوصول إلى الرئاسة الأمريكية، وقد اتفق الحضور على صعوبة وصول ترامب للرئاسة أمام منافسته هيلارى كلينتون بما تتمتع به من كاريزما من ناحية ومن خبرة سياسية كبيرة من الناحية الأخرى، حيث كانت قرينة الرئيس بيل كلينتون ووزيرة الخارجية فى عهد أوباما الذى خلف كلينتون فى الرئاسة. أكد الحاضرون على أن ترامب فى تصرفاته أقرب إلى الرئيس الراحل محمد مرسى فى سذاجته وطريقة كلامه وسطحيته وكوميديته، إلا إنى توقعت حينئذ أن ترامب سيفوز لأنه نموذج مختلف بالنسبة لكلينتون وأوباما فهو أمريكانى ساكسونى أبيض (كاوبوى) جاء من التاريخ القديم وهو البديل الموضوعى لأوباما وكلينتون، وقد تحقق ما قُلت ونجح ترامب فى الانتخابات وهو الرئيس رقم 45 فى تاريخ الرئاسة الأمريكية ولقد كانت صدمة قوية لهيلارى التى كانت واثقة من الفوز وكانت تسخر منه وقد ثبت مع الوقت أن ترامب شخصية مختلفة عن معظم الرؤساء السابقين.
***
الآن ينهى ترامب الدورة الرئاسية الأولى له، والتى تغيرت فيها أمريكا تغيرًا حادًا، فهل سيفوز ترامب فى الانتخابات القادمة؟ ويجدد الشعب الأمريكى الثقة به؟ أعتقد أنه سينجح فى ذلك ليس بسبب نجاحه السياسى لكن لعدة أسباب أخرى من أهمها: إن خصمه جون بايدن الديمقراطى، لا توجد لديه كاريزمة ترامب أو أى نوع آخر من الكاريزما، وبشكل عام ترامب أفضل من منافسه. لكن الغريب فى الأمر أن معظم المحللين من الحزبين الجمهورى والديمقراطى يؤيدون إعادة انتخاب ترامب لأسباب ليست سياسية أو ثقافية، ولا حتى لأجل قدرته على القيادة أو حنكته الدبلوماسية وهى الأسباب التقليدية لاختيار رئيس، لكن ولأول مرة فى التاريخ يؤيد الشعب الأمريكى رئيسًا لأسباب أخرى من أهمها تصريحه فى السادس من يونيو هذا العام أنه لو هُزم فى الانتخابات فسيرفض النتيجة مُسبقًا ومطلقًا، ولا مجال لعدم نجاحه، لأن فى هذه الحالة على حد قوله يكون الديمقراطيون قد سرقوا صناديق الانتخابات وزوروا الأصوات، ووضعوا بطاقات لا أصل لها من قبل المنافسين بل ومن قبل دول أجنبية، وهو سبق الجميع وأعلن أن حاكم كاليفورنيا سوف يرسل بطاقات مزورة. وفى الثانى والعشرين من يونيو صرح أن انتخابات 2020م مزورة واعتبرها فضيحة العصر. أما الاحتمال الثانى فهو طرح فكرة تأجيل الانتخابات: لكن هذا الأمر صعب بل أقرب إلى المستحيل أن يوافق الكونجرس على مثل ذلك الإجراء.
الغريب أن واحدا من قيادات الحزب الديمقراطى صرح قائلًا: أنه من مصلحتنا أن ينجح ترامب فى الانتخابات، وفى حالة عدم نجاحه فنحن سنؤيده رئيسًا للولايات المتحدة، لأن البديل أسوأ حيث سيقوم مؤيدوه بإشعال حرب أهلية، وأردف قائلًا: هل تعلمون أن 330 مليون قطعة سلاح فى أيدى الشعب الأمريكى (وهو تعداد الشعب الأمريكى)، والذين يتبنون هذه الفكرة يؤيدون رأى كريستوفر راى وهو أعلى مسئول استخباراتى إذ يردد: إن الصين تعد مخططًا لتدمير قدرات أمريكا لأنها تريد أن تكون الدولة الأولى فى العالم، وهذا بُعد أمنى وجودى يهدد الوجود الأمريكى وقوته. أما الاحتمال الثالث الذى يحبذ استمرار ترامب فهو أزمة كورونا فعدد الضحايا نتيجة كورونا وصل إلى 130 ألف ضحية أمريكى والعدد مرشح للزيادة المستمرة، فتعداد أمريكا 330 مليون وتعداد العالم سبعون مليارًا وعدد المتوفين فى أمريكا بسبب كورونا يشكل ربع الوفيات فى العالم، وهكذا يمكن أن نتصور حجم المأساة فى أمريكا. فالشعب الأمريكى يمثل 5% من تعداد العالم والوفيات فيهم ربع الوفيات من سكان العالم وهذه النسب تشكل سلاحًا قويًا فى يد ترامب الذى تقدم إلى الكونجرس بمشروع الانسحاب من منظمة الصحة العالمية لأنها لم تتهم الصين بأنها سبب انتشار وباء كورونا الذى قام بتخريب العالم وخاصة أمريكا، وهذا يعضد وضع الرئيس فى معركته الانتخابية. الأمر الرابع سياسة ترامب والتى بنيت على الصراعات الداخلية بطريقة مخططة ومبرمجة من قبل الإدارة الأمريكية مثل الصراع الإثنى (أبيض– أسود) والصراع الدينى (ليبرالى – أصولى)... إلخ. وهذا ليس مستغربًا فهم يتبنون سياسة فرق تسد. والتفسير المباشر لهذه الصراعات الداخلية المفتعلة هو السيطرة على الانتخابات.
الأمر الأخير، البعد الخارجى أو الدولى للأزمة. فمن المعروف أنه على مدى التاريخ أنه لا يوجد أى أثر خارجى لهذا الصراع سواء انتخاب ترامب من عدمه ذلك لأن الرئيس الأمريكى لا يضع سياسات لكن مهمته كرئيس أمريكا مجرد تنفيذ ما هو موجود، وطريقة ترامب الدبلوماسية هى أسلوب رجل الأعمال فى التنفيذ، فلا يوجد فارق بين ما قبل ترامب وما حدث أثناء ولايته فهو لم يدخل العراق، ولم يؤيد التحالف ضد سوريا كذلك الموقف من مصر وإسرائيل والسعودية ولبنان... إلخ هو هو كما كان قبل وصوله للحكم وسيستمر بعده، وهذا يجعل العالم كله لا يفكر إطلاقًا فى تعديل أى سياسة قبل أو أثناء العملية الانتخابية، فوجود ترامب أو عدمه لا يغير الوضع فهو قائم كما هو، لذلك يكون التركيز فى هذه المرحلة على الصراع بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، وبالطبع هذا يختلف عن عالمنا الثالث الذى تتغير سياسته بتغير شخص الرئيس، فموقف إسرائيل فى السياسة الأمريكية ثابت منذ أكثر من مائتى عام بغض النظر عن أى شىء آخر. ونتيجة الانتخابات لا تؤثر لأن موقفهم من إسرائيل لا يتغير بأى حال من الأحوال. البعد الدولى الوحيد القابل للتأثر بتغيير الرئيس الأمريكى هو الصراع بين أمريكا والصين لأنه صراع وجودى على من يقود العالم.
الخلاصة أن الرئيس ترامب سيبقى فى البيت الأبيض وهذا البقاء أفضل الشرين أو الحلين. وذلك لأن عدم انتخابه يجعل الحرب الأهلية الأمريكية هى البديل كما أسلفنا وأسلحة ترامب فى البقاء تتجسد فى الصراع مع الصين خارجيًا، والكورونا ككارثة إنسانية داخليًا ثم الحرب التجارية. لذلك هو دائمًا يردد أنه قد حان الوقت لنقف ونحارب ضد الصين وهكذا تصبح هذه الحروب هى موضوع الساعة ويصبح موضوع الانتخابات بجوارها ليس ذات قيمة. من هنا وبقراءة الصورة نخلص أن ترامب باق فى البيت الأبيض ووجوده هو أفضل الخيارات داخليًا.
***
والسؤال هنا ما هى السيناريوهات التى يمكن أن تحدث على الأرض أثناء الانتخابات؟! فى الحقيقة لم تشهد أمريكا على مدى تاريخها أى تهديد للدولة وأمنها واستقرارها فى أى انتخابات سابقة مثل ما يحدث اليوم وهو تهديد مباشر للدولة الأمريكية بسبب الانتخابات. والسؤال الذى يشغل الشعب الأمريكى ما الذى يمكن أن يحدث فى 3 نوفمبر؟ فى رأينا هناك 4 سيناريوهات: الأول: جاء من جامعة جورج تاون ومضمونه: فى 3 نوفمبر هناك احتمال فوز جو بايدن بفارق ضعيف، هنا يشكك ترامب فى النتيجة، ويظهر احتمال حرب أهلية، تحسم لصالح بايدن، هنا يقوم ترامب بإشعال الأمور وينزل الجيش إلى الشارع لضبط الأمور، وهكذا يُبرم اتفاق مع ترامب بأن يغادر البيت الأبيض بشروط عدم محاكمته. الثانى: سيناريو المزاج العام الأمريكى: هناك جماعات تنتمى إلى منظمات يمينية ويسارية متطرفة بها استقطاب حاد من هنا تصبح أمريكا فى خطر، لأن التطرف اليمينى يؤيد ويعتبر أن أمريكا كانت مختطفة من كلينتون وأوباما. وهكذا احتمال الصدام قائم وبقوة. الثالث: فى الجامعات حيث يوجد تنوع يمينى ويسارى إذا فاز ترامب لن يقبل الديمقراطيون ذلك والعكس صحيح، إذن الفوضى قادمة فى الجامعات المحترمة. الرابع: الاستقطاب السياسى الدولى حيث إنه سيوجد استقطاب سياسى دولى فهذا سيؤدى إلى تقسيم الدولة لأن روسيا تؤيد ترامب بينما الصين تؤيد بايدن.
ترى – عزيزى القارئ ــ ما الذى يمكن أن يحدث؟!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved