إنشاء مفوضية التعليم وأهميتها

جورج إسحق
جورج إسحق

آخر تحديث: السبت 16 أكتوبر 2021 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

فى بداية العام الدراسى للعام 2021 ــ 2022، شهد التعليم حالة من الارتباك فى تطبيق قواعد التباعد الاجتماعى ونقص عدد المدرسين وإعلان وزير التعليم عجز فى أعداد المعلمين بحوالى 270 ألف معلم رغم المحاولات الدئوبة لإصلاح التعليم.. وهذا يتطلب جهود الخبراء التربويين فى مجال التعليم.
ينص دستور 2014 فى المادة 19 أن «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار.. وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقا للقانون».
هل ما نص عليه الدستور يتفق مع الصور التى رأيناها فى افتتاح الموسم التعليمى، من جلوس أطفال على الأرض، وكثافة التلاميذ فى الفصول التى وصلت إلى 70 طالبا فى الفصل؟! وللأسف الشديد تروج دعايات غير حقيقية أن «كله تمام»، وهذا لا يخدم شفافية المعلومات. حيث ظهرت صور عن التباعد الاجتماعى فى فصل ظهرت فيه طالبة تجلس على تختة منفردة، مع وجود شنطتين على نفس التختة، فهل الطالبة تملك حقيبتين دراسيتين؟!
•••
نادى الدكتور محمد غنيم أكثر من مرة بإنشاء مفوضية عليا للتعليم ما قبل الجامعى والتعليم الفنى والتدريب المهنى، بهدف الارتقاء بالتعليم ما قبل الجامعى بجميع أنواعه ومراحله وتحسين مخرجاته، وذلك بالتنسيق مع الجهات المختصة للتعليم الجامعى. وقال الدكتور غنيم أن مهمة المفوضية ستكون رسم سياسة التعليم وتراجع المواد، والإشراف على تحديثها بصورة دورية، وذلك للتأكد من أنها تواكب العصر، مشيرا إلى أن المفوضية ستهتم أيضا بمراقبة تنفيذ وزارة التربية والتعليم لتلك السياسات التى وضعتها. وقد شدد الدكتور غنيم على أهمية أن يكون دور وزارة التربية والتعليم، وفقا لرؤية إنشاء المفوضية، تنفيذيا فقط ولا يضع أى سياسات.
وأشار الدكتور غنيم من قبل إلى أن تطوير التعليم مسئولية البرلمان، ولا نحتاج سوى تطبيق مواده التى جاءت فى الدستور. وأوضح أيضا أنه من الضرورى أن يراقب البرلمان تطبيق الميزانية الخاصة بالتعليم والبحث العلمى، بالإضافة إلى إنشاء مفوضية التعليم. وقال أيضا الدكتور غنيم إن الإصلاح الشامل يتطلب إقامة تعليم أساسى مجانى وذى جودة عالية، ومتوافر للجميع، والقضاء على الطبقية فى التعليم وتوحيد النظام التعليمى.
تحدث الدكتور غنيم من قبل عما شاهدناه أكثر من مرة من فشل خطط لتطوير التعليم تعتمد فى تطبيقها على الوزير وتنتهى بخروجه من الوزارة، أما المفوضية سيكون الوزير مسئولا عن تنفيذ ما تتضمنه من استراتيجية. فمشكلة التعليم فى مصر متشابكة وقديمة وصعبة ولا يقوى أحد بمفرده على أن يتصدى لها. وأن مهمة إنشاء مفوضية التعليم ستكون دراسة المشكلة ووضع الحلول اللازمة ووضع استراتيجية ثابتة للتعليم، ويأتى الوزير لينفذ الاستراتيجية التى وضعتها المفوضية ويحاسب على قدرته على تنفيذها فى إطار القانون.
•••
وكان الرئيس قد أصدر فى عام 2014 قرارا جمهوريا بتشكيل مجلس استشارى من كبار العلماء وخبراء مصر، يتبع رئيس الجمهورية، ويكون تحت مسمى «المجلس الاستشارى لعلماء مصر وخبرائها». وضع المجلس معايير مهمة لمفوضية التعليم؛ فى أن تكون مستقلة، وتابعة لرئيس الجمهورية، وتتولى اعتماد الخطط الاستراتيجية العامة التعليمية والتربوية لجميع أنواع ومراحل التعليم ما قبل الجامعى، ومتابعة تنفيذ الخطط مع جميع مؤسسات الدولة لضمان الوصول إلى الخدمة التعليمية المستهدفة، وأن ترفع المفوضية قراراتها لرئيس الجمهورية، وتساهم فى وضع المؤشرات القومية للتعليم ما قبل الجامعى على مستوى الدولة، وتقييم الأداء، وضمان مواكبة مضمون ونص الكتاب المدرسى والأدوات المدرسية للمعايير الدولية فى نظم التعليم وضمان جودتها، واستخدام تكنولوجيا المعلومات فى الارتقاء بالتعليم، فضلا عن مراجعة التقارير الرسمية الصادرة عن حالة التعليم ما قبل الجامعى فى مصر، وتشكيل مجلس أمناء المفوضية العليا لتضم عددا من الشخصيات الوطنية والمفكرين والمتخصصين فى مجالات: نظم الإدارة، واقتصادات التعليم، وتكنولوجيا التعليم، والعلاقات الدولية فى التعليم، وتصميم وتطوير المناهج بطرق التقويم، والقياس، والإمتحانات، وقوانين وتشريعات التعليم، والتعليم الفنى والتدريب الفنى بأنواعه، والعلوم الأساسية، والثقافية، والفنون.
وتم عرض مشروع إنشاء المفوضية العليا ما قبل الجامعى والتعليم الفنى والتدريب المهنى على وزير التعليم ورئيس الوزراء، ولكن حتى الآن لا نعرف السر وراء تأجيل إنشاء المفوضية. وعلى البرلمان الحالى أن يتولى العمل على إنشاء مفوضية التعليم للارتقاء بجودة التعليم فى مصر.
•••
هذا المشروع يجب أن يحظى بالعناية اللازمة مع سرعة تفعيله لتطوير التعليم فى مصر، وكما جاء فى استراتيجية حقوق الإنسان، فالمشاركة مبدأ أساسى فى كل المجالات التى تخص الشعب المصرى.
أنا أدعو مجلس الأمناء لعمل مؤتمر لكبار المفكرين والتربويين فى مصر فى أقرب فرصة ممكنة للتحضير والنظر فى مشروع المفوضية الذى نسعى جميعا لإتمامه لتحسين أحوال التعليم فى مصر، فالدول تنهض بالتعليم والصحة، خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة التى نحاول أن نبدأ معها حياة جديدة، بدلا من أن تكون حقا لتداول كل وزير تعليم يأتى ويغير ما فعله من سبقه حسب رؤيته، وقد عاصرنا إلغاء الصف السادس ورجوعه مرة أخرى بعشوائية غير مدروسة.. إذا تمكنا من إصلاح التعليم برؤية استراتيجية عن طريق مفوضية التعليم، ستكون البداية فى أن تصبح مصر دولة ديمقراطية مدنية حديثة.

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved