التبس علىّ الأمر

علاء عبد الفتاح
علاء عبد الفتاح

آخر تحديث: الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

تلتبس على الأمور فى زنزانتى، فالجرائد لا تصلنى بانتظام والتلفزيون والراديو الأرضى أبعد ما يكون عن الأحداث.. التبست على الأمور فبدا وكأن هناك خلافا على العودة لميدان التحرير لإعلان رفض وثيقة السلمى وللمطالبة بسرعة تسليم السلطة، وكأن هذه مواقف خلافية.

 

بل زادتنى العزلة التباسا حتى ظننت أن هناك من يروج لفكرة أن الدعوة ليوم ١٨ نوفمبر صادرة من التيارات الإسلامية فقط وكأن رفض استمرار الحكم العسكرى موقفا ايديولوجيا.

 

ولكن هذا لا يعقل، فأكيد الكل يعلم مدى خطورة أن تستمر فى يد المجلس العسكرى أى صلاحيات تشريعية، حتى لو حُصِرَت فى التشريعات الخاصة بالقوات المسلحة، فتجربة المحاكمات العسكرية وحدها خير دليل. قانون القضاء العسكرى صيغ وعدل مرارا وفقا لمزاج المؤسسة العسكرية، فماذا كانت النتيجة؟

 

النتيجة مادة تنص على أن اختصاص القضاء العسكرى يحدده القضاء العسكرى، يعنى لو أراد السادة اللواءات يمكنهم أن يختصوا بقضايا الأحوال الشخصية. والأدهى مادة تنص على اختصاص النيابة العسكرية بالتحقيق فى أى قضايا ضد أى شخصية عسكرية حتى لو متقاعدة وحتى لو كانت قضايا فساد مالى.

 

وهكذا تحول تشريع فى الأصل للمؤسسة العسكرية وحدها إلى أداة لاغتصاب السلطة القضائية حتى تتجمع فى يد المجلس العسكرى السلطات الثلاث، وتصبح أداة لقمع المعارضين وترويع المواطنين، بل وأداة لحماية الفاسدين. فهل يعقل بعد هذا أن نتردد فى العودة للتحرير؟

 

المحاكمات كاشفة، ليس فقط لنوايا العسكر، ولكن لاستعدادهم لتَقَبُّل سلطة المدنيين وإرادة الشعب. فكل القوى السياسية والثورية وكل منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية رفضت المحاكمات وأدانتها. بل وثَبت فشلها فى الردع:

 

فلا «البلطجية» ارتدعوا ــ بل استمر الانفلات الأمنى، ولا «الثوار» ارتدعوا ــ بل رأيناهم يخرجون من السجن إلى المظاهرة مباشرة. ومع ذلك يصر المجلس العسكرى على التمسك بها، ويرفض تماما الانصياع لإرادة الشعب والاحتكام للسلطة القضائية المدنية. فكيف إذن نثق فى أنه ــ بدون ضغوط ــ سيسلم السلطة قريبا؟

 

أكيد أكيد التبس على الأمر. أكيد أكيد عزلتى هى السبب. وأكيد أن كل القوى، السياسية والثورية والشعبية متفقة على العودة للميادين يوم الجمعة القادمة فنُخَبُنا السياسية، على عيوبها العديدة، أكيد ليست انتحارية لتتخاذل فى لحظة كهذه.

 

علاء عبد الفتاح

الأحد ١٣/١١/٢٠١١

 زنزانة ١/٦ عنبر ٤

سجن طرة تحقيق

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved