الهدامون

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الأربعاء 16 ديسمبر 2009 - 10:58 ص بتوقيت القاهرة

 تلجأ شركات الإنتاج إلى تزييف إيرادات أفلامها مع سبق الإصرار، وهى تعلم أنها تقوم بتزييف تاريخ صناعته، لأن إيرادات الفيلم جزء من تاريخه، وتزيف أيضا من قيمة وحجم منتجها السينمائى بمحاولتها منحه قدرا غير مستحق من الأهمية، ومكانة غير صحيحة.. تحاول أن تجمل أفلامها بأنها احتلت قمة شباك التذاكر وبأن الجمهور يتهافت عليها بإقبال منقطع النظير، وأنها كسرت حاجز المليون العاشر بعد أسبوع عرض!.

ونرى الصراع بين شركات الإنتاج يتجاوز منطقة الحياء والأخلاق وشرف المهنة وشرف المنافسة بعد خروج كل طرف ليشكك فيما يعلنه الطرف الآخر من إيرادات، وعندما تجلس مع طرف منها يعترف لك بأن هذا السلوك أصبح جزءا من اللعبة!.

الذى يدهشنى أكثر أن أبطال الأفلام أنفسهم أصبحوا لا يؤمنون سوى بالخدعة ويصدقون أنهم يحققون هذه الملايين المبالغ فيها، بل وكل واحد فيهم يسأل أولا عما حققه الطرف الآخر قبل أن يطمئن على نفسه، ولا يهتم حتى برأى الجمهور فى فيلمه، بات لا يؤمن سوى بأرقام شباك التذاكر، وبأنها المقياس الأول للنجاح رغم عدم مصداقيتها.
وكما تحاول شركات الإنتاج تجميل وجهها باحتلالها العرش، فإن بعض نجوم الأفلام يقومون بشراء عدد من التذاكر لارتفاع أسهمهم وتجميل وجوههم أيضا وبأن هم المرغوبون والأكثر مشاهدة بين منافسيهم.

فى كل دول العالم تحرص شركات الإنتاج السينمائى على إعلان ما حققته أفلامها بصدق فى بورصة الإيرادات، ولا يخجل أى نجم مهما كان قدره وبريقه من أن يأتى فيلمه فى ذيل قائمة الإيرادات أو أن يحتل مكانة متواضعة، لأنهم يؤمنون بأن المسألة لا تتوقف عند شباك الإيرادات وحده، فكم من الأفلام الرائعة والقيمة لم تحقق إيرادات جماهيرية وقت عرضها، وكثيرا ما يحدث ذلك، لأن مناخ العرض وظروف الموسم واهتمامات الجماهير وذوقهم ومزاجهم يختلف من وقت لآخر، ولم نر أبدا يوما نجما عالميا قام بشراء تذاكر ليؤكد أنه مرغوب، أو قامت شركته الإنتاجية بالترويج له من خلال أرقام زائفة.

والشىء الآخر والمدهش أيضا أنك عندما تخرج كتابات نقدية وتكشف نقاط ضعف فيلم يبادر أبطاله وصناعه بإطلاق الاتهامات لمن ينتقدون بالسلب بأنهم «هدامون» ومبررهم الوحيد بأن أعمالهم حققت إيرادات كبيرة، فكيف يجرؤ أحد على التشكيك فى القيمة الفنية للفيلم ويقلل من أهميتها.

إن ما يحدث على الساحة عيب كبير.. وإذا لم تستح فافعل ما شئت.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved