القدس كأساس للدولة الثنائية القومية

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: السبت 16 ديسمبر 2017 - 9:35 م بتوقيت القاهرة

فى البداية يتفق الكاتب مع ألوف بن ــ رئيس تحرير صحيفة هاآرتس ــ على أن الهدف الأكبر الذى يسعى له بنيامين نتنياهو هو القضاء على الحركة الوطنية الفلسطينية؛ لكننى أختلف معه فى زعمه أن هذه الحركة تحتضر. إن هذه الحركة الوطنية شبه علمانية، وهى فعلا منهوكة القوى ومهزومة، لكن إذا أخذنا فى الاعتبار أنها تقف فى مواجهة كماشة القوة الإسرائيلية واللامبالاة العربية العامة، لا يمكن التقليل من إنجاز استمرار قتالها بشراسة من أجل مستقبلها، وعدم خضوعها للواقع الاستعمارى الراهن.

لقد صمدت الحركة الوطنية الفلسطينية فى وجه قمع البريطانيين ثورة 1936ــ1939، وفى وجه هزيمة حرب الاستقلال «حرب 1948»، واللجوء، والاحتلال، وقمع الانتفاضات. ولا يعنى عدم قدرة حركة وطنية على مواجهة قوة عسكرية، واقتصادية، وتكنولوجية عظمى لشعب آخر فى زمن معين، أن هذه الحركة تحتضر. وفى الواقع يحارب الفلسطينيون بكل قوتهم المقاربة التى يحاول أنصار نفتالى بينت، وبتسلئيل سموتريتس ــ من حزب البيت اليهودي ــ الدفع بها قُدُما، والقائلة إن الهزيمة العربية فى 1967، التى لا يتحمل الفلسطينيون مسئوليتها، تسببت فى خسارتهم لحريتهم إلى الأبد. وعمليا، فإن جميع محاولات إسرائيل كسر الفلسطينيين قد فشلت حتى الآن: وبهذا المعنى فإن إعلان ترامب لا يُقدّم ولا يُؤخر.

لكن، ومن دون شك، سيضطر سكان الضفة فى وقت قريب إلى تقرير هدف نضالهم النهائى: تقسيم البلد إلى دولتين، أو تقديم المساعدة إلى اليمين الإسرائيلى فى محاولاته الانتحار بواسطة دولة واحدة لشعبين. طبعا، إذا قامت هنا دولة واحدة، فسيربح الفلسطينيون فقط، ولكن إسرائيل لن تنجو، وإذا تعامل الفلسطينيون مع إعلان ترامب كما لو أنه يتعلق فقط بالقدس الغربية وامتداداتها اليهودية إلى ما وراء الخط الأخضر، مثل حى جيلو وحيّ راموت، فإن شيئا لن يتغير، وستبقى الأهداف الوطنية العملية كما كانت حتى الآن: قيام دولة مستقلة على جزء من الأرض. لكن إذا طرأت على بالهم فكرة المطالبة بالجنسية الإسرائيلية لسكان القدس المضمومة تحت جناح الولايات المتحدة ومسئوليتها، وهو طلب ستوافق عليه تلقائيا أمريكا وأوروبا فى آن معا، فإن هذا مؤشر إلى أنهم بدأوا التفكير جديا بدولة ثنائية القومية. الجميع يعرف أن البديل عن الدولتين، التى لا يريدهما اليمين الإسرائيلى، هو دولة ستشكل حتما نهاية الصهيونية، وستدفع عددا غير قليل من الإسرائيليين إلى مغادرة البلد.

ويضيف الكاتب أنه من المعقول الافتراض إلى جانب الذين يريدون دولة أبرتهايد بكل معنى الكلمة وفق المخطط الذى يرسمه أعضاء فى «حزب البيت اليهودي» وكثيرون فى «حزب الليكود»، سيكون هناك أيضا بين الإسرائيليين من سيفضل البدء بالنضال من أجل المساواة فى الحقوق بين جميع السكان، كما جرى فى إفريقيا الجنوبية. وسيكون هناك من يقولون إنه نتيجة فشل الصهيونية فهم مضطرون إلى البحث عن مستقبل آخر لأنفسهم، ولأولادهم وأحفادهم. وأنهم إذا كانوا مضطرين إلى الاختيار بين عنصرية يهودية ــ إسرائيلية ممأسسة على المستويين السياسى والاجتماعى، وبين عنصرية أمريكية، أو عداء أوروبى للسامية، فإنهم سيفضلون عدم العيش تحت نظام أبرتهايد رسمى.

ختاما، فإن من يرغب فى استمرار بقاء إسرائيل صهيونية، حرة، ديمقراطية، يتعين عليه أن يبذل كل ما فى استطاعته كى لا يقرر الفلسطينيون تقديم فاتورة عن تحرك رئيس أمريكى جاهل وغبى، وسيكون حساب الفاتورة بسيطا: ليس من الممكن فى المدينة «الموحدة» عاصمة «الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط» أن يعيش نوعان من السكان: أشخاص أحرار يتمتعون بكل ثمار الديمقراطية ومواطنون فى بلدهم، وأشخاص لا يحملون الجنسية، مواطنون من الدرجة الثانية. لا يمكن فى أى مكان من العالم قبول مثل هذا الواقع، وحتى فى إسرائيل نفسها لا يقبل الجميع هذا العار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved