أسود الأطلس

إكرام لمعي
إكرام لمعي

آخر تحديث: الجمعة 16 ديسمبر 2022 - 8:35 م بتوقيت القاهرة

لا شك أن وصول منتخب المغرب إلى المربع الذهبى فى مونديال فيفا ٢٠٢٢م بقطر يعنى أن رءوسنا جميعًا كعرب قد رُفعت معهم. بالطبع كونى مصريا كنت أتمنى أن يكون المنتخب القومى المصرى هو الذى يمثل العرب جميعًا فى مثل هكذا مونديال عالمى، لكنه خذلنا كعادته، وبالتالى نحن كعرب نسعد أن يكون المغرب هو الذى يمثلنا، والحقيقة أن منتخب المغرب أثبت أنه الأفضل والأروع، فقد حقق ما لم يحققه أى منتخب لأى دولة عربية سابقًا، حيث وصل لأول مرة فى التاريخ إلى الدور نصف النهائى فى المونديال القطرى، وحجز مكانه بين الأربعة الكبار، وكنا نحلُم بحصوله على الكأس. ولو حسبنا ــ عزيزى القارئ ــ الجهد الذى بُذل والمال الذى صُرف والوقت الذى استثمر للمنتخب القومى المصرى لكى يستطيع الوصول للتصفيات لأصبنا بالإحباط، فقد تأهل المنتخب القومى المصرى لكأس العالم ثلاث مرات، أعوام ١٩٣٤م، ١٩٩٢م (عام ضربة جزاء مجدى عبدالغنى)، ٢٠١٨م مع تعادلين وخمس هزائم، وهكذا لم تفز مصر قط بأى مباراة فى نهائيات كأس العالم، فقد كانت دائمًا تخرج من دور المجموعات، والسؤال الآن ما الذى يمكن قوله أو تبريره فى مثل هكذا مناسبات؟! اقتراحى الذى أعتقد أنه سينول رضا الأغلبية المطلقة من الشعب المصرى لو سألناه، هو إصدار قرار بإلغاء النشاط الكروى فى مصر لفترة محددة معقولة، وذلك لنقف جميعًا ونتأمل ونعيد حساباتنا ونتساءل هل الأموال التى صُرفت على كرة القدم أتت بنتائجها؟! علينا أن نراجع الفواتير التى توضح كم الأموال التى صُرفت، ولأى أهداف أو طرق ولأى أشخاص، وأنا الحقيقة أشعر بالغيرة الشديدة من منتخب المغرب فبقدر سعادتى بهم كأشقاء عرب، أشعر بالضيق الشديد والرفض لكل من يعمل فى مجال كرة القدم فى مصر، وأعتبرهم المسئولين عن الإحباط الشديد الذى يعيشه الشعب المصرى اليوم خاصة الشباب والأطفال، فلا يمكن أن ينصلح حال الكرة فى مصر إلا بتسريح كل اللاعبين فى الدورى الممتاز من كل الأندية ووضع خطة خمسية من كبار مسئولى ومحترفى كرة القدم من الخارج والداخل.
• • •
فى بداية المونديال كنت مهتمًا بمتابعة مبارياته وبحثت فى القنوات الفضائية المتاحة لدى لم أجد سوى القناة الفضائية المفتوحة التى اشترت حق بث المباريات، ولحظى الجيد جدًا تلك البطولة كانت على أرضها فكانت تقوم ببث بعض المباريات الأفريقية والعربية وغير العربية فكنت أستمتع بهذه البطولة لكنى فوجئت بخروج بعض الفرق العربية التى كان لها صيت فى المونديال، منها السعودية التى لازمها سوء حظ لإصابة أحسن لاعبيها الذين تألقوا فى مباراة الأرجنتين، ومنتخب تونس الذى وجدت أداءه لا يساعده للوصول للدور الـ١٦، ولا حتى كثانى المجموعة بسبب نتائجه السيئة، حيث تعادل فى مباراة وخسر فى أخرى وفاز فى الثالثة على فرنسا، وهكذا خرج من الدور الأول، وهنا بدأت أتابع الفرق الأفريقية والفريق العربى الباقى وهو المنتخب المغربى والذى تألق فى الدور الأول من كأس العالم باحتلاله للمركز الأول فى مجموعته برصيد ٧ نقاط، من فوزين أمام بلجيكا وكندا وتعادل وحيد مع كرواتيا. كما قابل إسبانيا فى دور الـ١٦ حيث تعادل المغرب وإسبانيا سلبيًّا بدون أهداف فى الوقت الأصلى والإضافى وفاز المغاربة بركلات الترجيح ٣ صفر بفضل تألق حارسه ياسين بونو الذى تصدى لركلتى جزاء من لاعبى إسبانيا، وذلك بجانب دوره فى الحفاظ على نظافة شباك المغرب خلال المباراة، كما نجح منتخب المغرب فى إقصاء منتخب البرتغال من كأس العالم بالفوز بهدف دون رد فى دور ربع النهائى لكأس العالم ٢٠٢٢م، وتأهل لدور نصف النهائى، وقد ساهم ياسين بونو بقوة فى تأهل المغرب للدور نصف النهائى للمونديال، فى إنجاز لم يتحقق للعرب أو الأفارقة من قبل.
بعد الفوز على البرتغال وبحسب الإحصائيات، فإن ياسين بونو الذى خاض مباراته الدولية رقم ٥٠، مساء السبت الماضى، بات أول حارس أفريقى يحتفظ بنظافة شباكه فى ٣ مباريات فى كأس العالم.
إننى أرى ــ عزيزى القارئ ــ أن حالة المنتخب المغربى تستحق الدراسة، فمن الواضح أن هذا المنتخب قد وضع نصب عينيه قطع مشوار طويل والصبر والمثابرة وبذل الجهد الجهيد للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة، فكما قال وليد الركراكى: «أن الحلم مجانى، ونحن من يقوم بإثباته (تحقيقه) على أرض الواقع»، كما قال أيضًا فى المؤتمر الصحفى وهو يستعد للعب ضد كندا: «لن نلعب أمام كندا من أجل التعادل وسنقدم ١٠٠% من قدراتنا أمام المنتخب الكندى، جميع لاعبى المنتخب المغربى يرغبون فى المشاركة فى هذه المباراة، نحن هنا من أجل التأهل لدور الـ١٦، ونريد أن ندخل التاريخ، وسنفعل ذلك أمام كندا، بالطبع نحن نحترم المنتخب الكندى وسنلعب بنفس الخطة، وستكون بالنسبة لنا مباراة صعبة وجميع اللاعبين سيقدمون كل ما لديهم، والأهم هو أن حظوظنا بين أيدينا ولن نفكر فى أى حسابات أخرى»، وقال هذا المدرب الفذ أيضًا فى المؤتمر الصحفى قبل مباراة فرنسا بالدور قبل النهائى: «نحن أصبحنا من أفضل أربعة منتخبات فى العالم ونحاول أن نُغَّير ثقافتنا بأن يكفى وصولنا إلى هذا الحد (التمثيل المشرف)، فلما لا نصل للنهائي؟! ولما لا نفوز باللقب؟ وعلينا احترام المنافس، فإذا لم يحترمنا الفريق المنافس نظير المنتخبات الأخرى، ستكون الأمور أكثر تعقيدًا، لكن ثقتنا بأنفسنا جيدة، وفى كل مرة يتوقع لنا أن نخرج، ولكننا ما زلنا حاضرين، فإذا واصلنا حُلمنا فإن فرصتنا موجودة ومتاحة، والمهم بالنسبة لنا هو الروح، روح الفريق، نحن نلعب كأننا فى النادى، الجميع يعمل بشكل جماعى ويبذل قصارى جهده لكى يُعطى كل ما لديه للفريق وهذا هو أهم شيء فى كرة القدم».
عزيزى القارئ: هل رأيت أو سمعت فى تاريخ المنتخب المصرى (صاحب الثلاث مشاركات فقط بتعادلين وخمس هزائم) أى مدير فنى من المدراء الفنيين لفريقنا، أو المنتخب، جملة محفزة سوى نحن هنا «للتمثيل المشرف»؟! وترى هل هذه الجملة محفزة؟ أم محبطة؟! وما هو التمثيل المشرف فى نظرك ــ عزيزى القارئ ــ بعد ما رأيته من تحفيز ورفع للمعنويات من الركراكى ومساندة من الاتحاد المغربى لكرة القدم؟
• • •
للاسف المغرب خسر من المنتخب الفرنسى بهدفبن وسيلعب اليوم السبت على المركز الثالث وهذا هو التمثيل المشرف الذى نحن نتحدث عنه، وعندما ننظر ونبحث عن حلول للمنتخب المصرى لا نجد سوى أن يتم إرسال أكثر اللاعبين مهارة وأصغرهم سنا للتعلم والتدرب فى الأندية المتوسطة فى أوروبا التى هى عبارة عن شبكة صيد للمهارات وشاشة عرض لها، ولنا فى محمد صلاح مثال حى، فعندما كان لاعبًا صغيرًا فى «المقاولون العرب» وبعد مباراة ودية خاضها منتخب مصر تحت عمر ٢٣ سنة تألق مو صلاح فيها وأحرز هدفين، قدّم فريق بازل السويسرى عرضا للتعاقد مع محمد صلاح لمدة ٤ أعوام، ثم قام تشلسى بضم صلاح من بازل، فقضى صلاح موسمًا فى لندن ثم انطلق السهم المصرى إلى إيطاليا إلى نادى فيورنتينا ثم إلى روما ليلمع نجمه أكثر وأكثر، ونتمنى نحن المصريين أن يكون لدينا أكثر من محمد صلاح واحد وخاصة بعد أن عاد إلى ليفربول مجددا بلندن، فماذا سيحدث لو قمنا بعرض مهارات لاعبينا الذين فى سن تحت ٢٠ سنة مع الاهتمام بعقلياتهم لتقبل التغيير الثقافى والحضارى ليكونوا لاعبين محترفين على مثال محمد صلاح؟.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved