صوت العاملين فى ماسبيرو

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 17 يناير 2022 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

ظل (س) يعمل بكل جد وإخلاص مذيعا مجتهدا، يضيف للبرامج التى يقدمها لمسة المثقف المدرك لدور الإعلام فى التوعية بما تمر به مصر من متغيرات، قبل أن يعتلى قمة الإذاعة التى أحبها، واختارها طريقا لدوره فى الحياة، ووسيلة لخدمة أهله وناسه من المصريين مع طلعة كل صباح.

قبل أشهر معدودات بلغ الرجل سن التقاعد فاحتفى به زملاؤه، وأصدقاؤه، على خير ما يكون، تقديرا منهم لرحلة عطائه الطويلة التى امتزجت بحسن الخلق، ورقة المشاعر، والحدب على الصغير قبل الكبير لضمان ألا يقع فى ظلم أحد باعتباره رئيسا لعدد كبير من العاملين فى المحطة الإذاعية التى تضم خيرة المواهب والخبرات.
اليوم يجلس (س) مكتئبا حزينا، بعد أن لمس عمليا، ولا نقل اكتشف، أن عليه الانتظار لسنوات فى طابور طويل لكى يحصل على مكافأة نهاية خدمته، ومستحقاته المادية التى يمكنه الاستناد عليها فى مواجهة غائلة الأيام، وهى أقل حق يجب أن تقدمه جهة العمل التى انتمى إليها لنحو أربعين عاما.

مشكلة (س) تتاشبه مع مشكلة مئات المتقاعدين من العاملين بالهيئة الوطنية للإعلام من مذيعين وفنيين وإداريين، وقائمة طويلة من الموظفين، الذين لم يحصل غالبيتهم على مستحقات نهاية الخدمة منذ ثلاث سنوات على الأقل، وهى ذات المشكلة التى تتشابك مع عدم صرف العاملين الحاليين لعلاواتهم الدورية المقررة منذ عام 2017 وحتى الآن.

هذا الوضع كانا سببا فى تفجر حالة من الغضب وسط العاملين بمبنى الإذاعة والتليفزيون المملوك للدولة، والذى كان وسيظل يؤدى دورا مهما فى تشكيل الرأى العام على الرغم من نقص الإمكانيات التى دفعت بالمذيعين والفنيين فى بعض الحالات إلى المساهمة فى تكلفة ديكورات البرامح التى يقدمونها من جيوبهم، حبا فى المكان أولا، ولمهنتهم ثانيا، ولضمان تحقيق العدد المطلوب من البرامج حتى لا يتعرضوا للخصم من الراتب ثالثا.

القصص والحكايات عن نقص الإمكانيات، وتأخر المستحقات، هى الحديث الغالب داخل مبنى ماسبيرو الذى تجمع العاملون فى بهوه الرئيسى فى الأيام الأخيرة للمجاهرة بأصوات معاناة تحتاج إلى سماعها من المسئولين عن المبنى أولا، ومن الحكومة ثانيا، من أجل البحث المشترك عن حلول عملية تنهى أزمة متفاقمة منذ سنوات، ويتعرض لها آلاف العاملين ممن لا ذنب لهم فى سوء إدارة لمسئولين يعتقدون أن التجاهل كفيل بحل المشكلات!
العاملون فى ماسبيرو، يعول بعضهم على تحركات بدأها عدد من أعضاء مجلس النواب منذ أيام، وبعد أن شرع بعضهم فى تقديم طلبات إحاطة وبيانات عاجلة، لحل الأزمة، بالتوازى مع عقد لجنة القوى العاملة بالمجلس لاجتماع حضره حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، والتى أرجأت مناقشة المشكلة لحين تقديم زين المعلومات والبيانات الخاصة بالعاملين وأوضاعهم وتصنيفاتهم، والتى لم تتوفر وقت الاجتماع.
طبعا الهئية الوطنية للإعلام المعنية بصلب المشكلة، كانت قد أصدرت بيانا وسط احتجاجات العاملين قالت فيه إنها تحاول حل الأزمة، وإنها خاطبت وزارة المالية لصرف مـتأخرات العاملين، مع وعد بصرف العلاوات المتجمدة منذ 2017 و2018 وجزء من علاوة 2019 مع راتب شهر يناير، لكنها تبقى وعودا تنظر التحقيق، قبل تفاقم المشكلة بشكل أكبر.

صوت العاملين فى التعبير عن المشكلة التى يعانون منها ضمن مشكلات أخرى، واضح ولا يحتاج سوى التفهم والاستجابة السريعة لمطالبهم العادلة وحصولهم على مستحقاتهم المالية، وأن يتم التعامل معهم باعتبارهم أصحاب حق، وليسوا مارقين، ومفجرى أزمات، وقبل أن يأكل الناس من «خبز الشيطان» كما يقول الكاتب البرازيلى الراحل، والناشط العالمى ضد الجوع، جوزويه دى كاسترو فى روايته «الناس والسراطين».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved