رجل لا يسعى لمنصب!

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الثلاثاء 17 فبراير 2009 - 5:03 م بتوقيت القاهرة

 تختلف الرؤية داخل مصر عن خارجها.. وأكثر المصريين الذين يعيشون ويعملون ويتعاملون فى الخارج، ويعودون إليها بعد فترة إقامة يقضونها بعيداً عنها، هم الذين يلحظون بقوة حجم التغيير الذى يطرأ على الحياة إلى الأفضل أو إلى الأسوأ، فيما يخص أحوال البلاد والعباد ومستوى المعيشة، وما تحقق من تقدم أو تأخر فى المجالات المختلفة، ومدى ما نتمتع به من مظاهر الحكم الرشيد.

هذه الفوارق ربما لا يلحظها كبار المسئولين الذين تتوافر لهم معاملة خاصة فى مهامهم الرسمية إذا سافروا إلى الخارج. فهم لا يمشون فى الشوارع ويذهبون إلى الأسواق الشعبية والمقاهى، بل يحاطون بإجراءات تعزلهم عما حولهم، فلا يرون الفرق بين أوطانهم وبين الآخرين.

ولذلك، فحين تزور مصر شخصيات مميزة بارزة من أبنائها مثل زويل أو البرادعى، وكل منهما بلغ فى مجاله شأواً بعيداً قلما بلغه غيره من المصريين وغير المصريين، ونال من التقدير العالمى والاعتراف الدولى ما يجعله منارة من العلم والتجربة والحكمة التى تؤهله لأن يقول فنستمع، ويتحدث فننصت ونتدبر، ونقف منه موقف الاحتفاء والتبجيل.. فلابد أن نتابع كلماته بأكبر قدر من الاهتمام، وأن تعطيه وسائل الإعلام والصحافة مساحات واسعة، ربما أكثر مما تعطيها لنجوم السينما ولاعبى الكرة وأدعياء السياسة!

ولكن هذا ما لا يحدث إلا فى أضيق الحدود.. فقد جاء البرادعى الذى يترأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى مصر وتحدث فى منابر مختلفة اقتصرت على النخبة. وباستثناء قناة دريم الخاصة والفيس بوك لم يهتم التليفزيون الحكومى باستضافته والحوار معه..

وهو أمر طبيعى. فقد امتلك الرجل من الشجاعة لكى يقول دون وجل ما لا كان يمكن قوله فى القنوات الحكومية. حين تحدث عن تداول السلطة، وطالب بإعادة النظر فى الدستور، وتحديداً فى المادة الثانية التى تتحدث عن نسبة العمال والفلاحين. وقال إن النظام لابد أن يتعامل مع جميع القوى السياسية دون تفرقة، حتى ولو اختلف معها مثل الإخوان المسلمين.. ولأننا فى النهاية لابد أن ندرك أننا نعيش جميعاً فى بلد واحد.

وحذر البرادعى من أن الفقر الذى شاهده ببعض العشوائيات مؤلم، خاصة حين ترى آدميين مثلك يعيشون فى ظروف غير آدمية. بعضهم يعيش فى جيتو من الفقر، ويعيش الأغنياء على الجانب الآخر فى قصور فاخرة.

وقال إن العرب لا يكفون عن الصراخ بشأن القوة النووية الإسرائيلية، ولكنهم لا يفعلون شيئا لأنفسهم ولم يتوصلوا لإطار أمن إقليمى لإخلاء المنطقة من السلاح النووى. ونبه إلى أن مصر أمامها عشر سنوات على الأقل حتى تكتمل لديها البنية التحتية لمحطة نووية.

هذه الآراء نسمعها من رجل له وزنه، لا يسعى لمنصب أو نفوذ. ولكنها آراء تنطق بالحكمة التى لم نعد نعرفها أو نقدرها من كثرة ما نعانيه من هراء وتدليس.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved