عالم عيال عيال

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 17 فبراير 2023 - 7:50 م بتوقيت القاهرة

فى العام 1969 عرض لمدة أسبوع واحد فقط الفيلم الأمريكى «ولادنا التسعة عشر» وهو الاسم التجارى المحلى للفيلم الأمريكى «أولادك، أولادى، أولادنا» الفيلم المصرى كتبه يوسف عوف بطولة سميرة أحمد ورشدى أباظة وسمير صبرى وسهير رمزى، وبعض ضيوف الشرف وهو نفس الإطار الذى صار عليه الفيلم الأمريكى حيث هناك شخصيتان رئيسيتان والكثير من النجوم الكبار فى أدوار صغيرة، الفيلم كالعادة لم يذكر كالعادة كاتبه يوسف عوف عن المصدر الأجنبى الذى اقتبسه، والفيلم الأمريكى بطولة هنرى فوندا، ولوسيل بول، حيث قام بدور ضابط فى البحرية الأمريكية تم إحالته للاستيداع ولديه عدد كبير من الأطفال يتولى تربيتهم يتعرف على الممرضة الأرملة التى ترك لها زوجها تسعة أطفال وصارت مسئولة عنهم، هو فيلم كوميدى تتناسب ظروفه كثيرا مع الواقع المصرى حيث يميل الرجال إلى إنجاب أكبر عدد من الأبناء كنوع من العزوة مهما كانت مستوياتهم الاجتماعية، ومن العنوان التجارى للفيلم فى مصر فإننا أمام أسرة لديها تسعة عشر طفلا بالإضافة إلى الأبوين.
لم يكن الفيلم الأمريكى من النوع الكوميدى مثل الفيلم المصرى الذى أخرجه محمد عبدالعزيز، لكن يوسف عوف أضفى على كتابته الكثير من الكوميديا التى تنبع من التضارب بين المواقف فجعل من بطل الفيلم «حلمى» مهندسا فى شركة بترول بالبحر الأحمر ما جعله يضطر إلى الاستعانة بمربين لرعايته أبنائه الثمانية أثناء غيابه إلا أن الصغار يتسمون بشقاوة ملحوظة ويتفننون بطرد المربية الواحدة تلو الأخرى، واضطر يوسف عوف إلى إضافة شخصية مساعد المهندس الذى لا يتأخر فى معاونة رئيسه فى رعايته للأطفال، كما أن زوجته «سهير رمزى» لديها صديقة سامية أنجبت ستة أبناء، ويحدث أن يدور سوء تفاهم بين حلمى وسامية قبل أن يلتقيا على مائدة الأصدقاء وتنمو بينهما علاقة حب.
عدد الأطفال فى الفيلم المصرى يقل بأربعة عن الفيلم الأمريكى الذى يخلو تقريبا من وجود أصدقاء للأسرة يقومون بمثل هذا العمل وعلى كل فإن الحب يفرض نفسه على الاثنين ويتزوجان رغم كل هذا العدد من الأبناء، كى يهتم الفيلم فى القسم الثانى منه فى مسألة دمج الصغار معا بعد الكثير من الخلافات التى نشبت فيما بينهم فكل طرف يكوّن فريقيا يتحدى الآخر لكن عندما يقوم شاب بالتحرش بالفتاة ابنة حلمى فإن الابن الأكبر من سامية يتصدى له ويتعامل مع الفتاة على أنها مسئولة منه، وهكذا تدور عدة أحداث تجمع ما بين القلوب كأن يمرض أحدهم وفى هذا الخضم من الخلافات تحمل سامية فى طفل جديد سيصير أخا للجميع ومن هنا جاءت التسمية التجارية للفيلم فى مصر «ولادنا التسعة عشر».
لوسيل بول ممثلة كوميدية من طراز دوريس داى، أما هنرى فوندا فلم يكن أبدا ممثلا كوميديا فهو خشن الملامح لذا فقد خلا الفيلم الذى أخرجه ملفن شارفلوتس من الكوميديا قدر الإمكان وفى الفيلم المصرى فإن سميرة أحمد لم تكن ممثلة كوميدية لكنها تخصصت فى أدوار الفتاة ذات العاهات الخرساء والعمياء ولم تكن فى هذا الفيلم أبدا إلا صورة للجنون والخشونة أما رشدى أباظة ممثل كوميديان فى أفلام فطين عبدالوهاب، ولكنه فى عالم عيال عيال كان قد تقدم به العمر وصار مهندس البترول الميسور حامل هم الأبناء.
أغلب الظن أن الفيلم الأمريكى مأخوذ عن مسرحية كتبها اثنان من المؤلفين تدور فى البيوت خاصة عند الممرضة صاحبة هذا العدد من الأطفال، أما الفيلم المصرى فإنه قد انتقل إلى البحر الأحمر أحيانا وإلى الأماكن التى كان يتسوق فيها كل من حلمى وسامية ما أعطى للفيلم تنوعا فى المكان كمحاولة لخلق البهجة.
السينما المصرية تعلمت أن تقدم قصة يجتمع فيها شمل الأسرة بعد طول خلاف كى تحل مثل هذه المشاكل، لكن أعتقد أن مثل هذا النوع من الأفلام لم يعد صالحا أبدا للوضع الاجتماعى فى مصر ولذا فإن هذا فيلم من الماضى مثل أفلام أخرى كثيرة منها «أفواه وأرانب» «من أجل حفنة أولاد» وغيرها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved