قضاء مصر.. وقدرها

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 17 أبريل 2014 - 7:25 ص بتوقيت القاهرة

إذا كان قدر مصر الآن مأساة فإن بعضا من قضائها يدفعها نحو كوارث لا يعلم مداها إلا الله. فمنذ 30 يونيو وقضاء مصر وقدرها يبدوان شديدى الالتباس والغموض ويثيران من القلق أكثر كثيرا مما يبعثان على الارتياح فى ظل فقدان كل الأطراف تقريبا البوصلة التى يمكنها توجيه الأمور فى الاتجاه الصحيح.

فجماعة الإخوان المسلمين تصر على مواصلة خطاياها وكأنها لعنة أصابت الشعب عندما اختارها فى غفلة من الزمن لتولى زمام الأمور فى البلاد. فالجماعة التى فقدت صلاحيتها السياسية والفكرية وبات القطاع الأكبر من المجتمع يتعامل معها باعتبارها وباء يجب القضاء عليه مهما كانت التضحيات تصر على تعميق هذه المشاعر السلبية ضدها. وقد وصل سقوط «الإخوان» جماعة وأفرادا إلى منتهاه عندما بث موقع حزبها المسمى «الحرية والعدالة» لقطات جنسية من فضيحة «ذئب المحلة» المتهم فيها أحد الأشخاص بممارسة الجنس مع عدد من النساء لمجرد أن الرجل له صورة أثناء مشاركته فى مظاهرة مؤيدة للمرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى. ورغم أن الحزب الموصوف بالإسلامى سارع برفع التسجيل من الموقع فإن الحقيقة تقول إن الجماعة تواصل سقوطها الأخلاقى بعد وصول سقوطها السياسى إلى هوة سحيقة.

وإذا كانت جماعة الإخوان وخطاياها وجرائمها هى قدر مصر السيئ، فإننا ندعو الله أن يكون قضاؤها أفضل حالا من قدرها فى اللحظة الراهنة.

ومنذ القدم يستعيذ المصريون بالله من «شر القضا المستعجل» قبل أن يخرج علينا الفقيه الدستورى والقانونى محمد نور فرحات ليقول «يجب ألا يتصدى شباب قضاة محاكم الأمور المستعجلة لمثل هذه الأمور التى تخرج عن اختصاصهم»، ويطالب المجلس الأعلى للقضاء، بالانعقاد ومناقشة الأحكام التى يصدرها قضاة محاكم الأمور المستعجلة، رغم عدم اختصاصهم، ومنها حكم بإعادة الحرس الجامعى رغم وجود حكم نهائى وبات من المحكمة الإدارية العليا وهى إحدى أكبر 3 محاكم فى منظومة القضاء المصرى بإلغاء هذا الحرس.

وقد جاءت أقوال الدكتور فرحات تعقيبا على صدور حكم قضائى يلزم لجنة الانتخابات الرئاسية بعدم قبول أوراق ترشيح أى مواطن ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين رغم أن الدستور والقانون أعطى لهذه اللجنة حصانة كاملة دون أن يكون عليها أى رقيب حتى من شيوخ القضاة فى المحكمة الإدارية العليا أو محكمة النقض، أو حتى المحكمة الدستورية.

إن للقضاة حصانة وللقضاء كل الاحترام والتقدير فى كل وقت وحين، ولكن إذا كانت مصر قد عانت من فوضى القوانين وربما تضاربها، فإنه لا يجب السماح بفوضى أحكام القضاء ولا بالصراع على الاختصاصات بين مؤسسات القضاء المختلفة. فلجنة الانتخابات الرئاسية المشكلة من شيوخ القضاء والتى منحها الدستور والقانون حصانة انطلاقا من هذه الحقيقة يجب ألا تخاطبها محكمة أمور مستعجلة بحكم قضائى يلزمها برفض أوراق هذا المرشح أو قبول أوراق ذاك.

وأخيرا نؤكد أن القضاء يتحمل عبئا كبيرا فى هذه المرحلة الانتقالية بالغة الارتباك التى تمر بها مصر فى ظل حمى الدعاوى القضائية التى يقيمها باحثون عن شهرة أو راغبون فى ادعاء بطولة، مما أغرق المحاكم والقضاة بطوفان من القضايا التى لا محل لها من الإعراب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved