النكبة.. ثم ماذا؟

سلامة أحمد سلامة
سلامة أحمد سلامة

آخر تحديث: الإثنين 17 مايو 2010 - 10:23 ص بتوقيت القاهرة

 بينما تجلس الدول العربية تجتر ذكرياتها المريرة على مرور 62 عاما على النكبة الفلسطينية دون أن تفعل شيئا، تتحرك دول أخرى بخطوات سياسية ذكية لمواجهة التحديات الإسرائيلية ومماطلاتها، التى تمخضت عن آخر موقف لحكومة نتنياهو. رفضت فيه التوقف عن بناء مستوطنات جديدة فى القدس والدخول فى المباحثات غير المباشرة التى تلعب أمريكا فيها دور الوسيط.

ونعنى بتلك الدول التى باتت تشكل محورا أكثر تقاربا فى معالجة مشكلات الشرق الأوسط، بضم كل من روسيا وتركيا وسوريا.. لتصبح أكثر فعالية فى الضغط لمواجهة التصعيد الإسرائيلى الذى يستند إلى قدر غير مسبوق من اللامبالاة، والوقوف فى وجه إجماع دولى على ضرورة إنقاذ ما تبقى من عملية السلام.

فقد طالبت روسيا وتركيا وسوريا بضرورة إشراك حركة حماس فى مفاوضات السلام. وأعلن ميدفيديف رئيس روسيا فى مؤتمر صحفى مشترك مع الرئيس التركى عبدالله جول فى أنقرة أن السلام فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بوحدة الصف الفلسطينى. وليس عن طريق عزل فصائل فلسطينية معينة. وقال متحدث روسى إن حماس ليست تنظيما مصطنعا بل هى حركة تتمتع بثقة جزء كبير من الفلسطينيين.


وأعاد إلى الأذهان حقيقة أن حماس حصلت على أغلبية الأصوات فى الانتخابات التشريعية عام 2006. واعترف المتحدث الروسى بأن حكومته تجرى اتصالات مع هذه الحركة تحمل طابعا منتظما. وأن المشاركين الآخرين فى الرباعية الدولية على اتصال مع حماس بشكل أو بآخر.

هذه الخطوة من جانب روسيا بضرورة إشراك حماس فى عملية السلام، تعد تحولا فى الموقف الروسى نحو مزيد من الواقعية فى التعامل مع الشرق الأوسط. خاصة بعد اللقاءات والاتفاقيات العسكرية التى أجراها الرئيس الروسى مع بشار الأسد ثم مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس.

وهو ما أثار ثائرة إسرائيل فشنت هجوما عنيفا على موسكو. على الرغم من أن وزير خارجية إسرائيل ليبرمان كان قد عاد من موسكو متفائلا بما حققه الطرفان من تفاهمات. ولكن الطريقة التى عومل بها شيمون بيريز رئيس إسرائيل أخيرا أثناء خروجه من مطار موسكو، كشفت عن توتر فى العلاقات بين إسرائيل وروسيا.

من الواضح أن روسيا تعيد توجيه بوصلة سياستها الخارجية نحو الشرق الأوسط.. وهو تطور إيجابى يجب أن ترحب به الدول العربية وتعيد توثيق علاقاتها مع روسيا بعد أن أهملت دورها فى الشرق الأوسط لسنوات عديدة ووضعت كل أوراقها فى حجر واشنطن. وكانت النتيجة هى ما يحدث حاليا من إفلات زمام إسرائيل وفشل الخطة الأمريكية لتجميد بناء المستوطنات فى القدس تمهيدا للمفاوضات غير المباشرة.
ومع ذلك فلم تتوقف أمريكا عن تقديم «الرشاوى» السياسية والعسكرية لإسرائيل.

وكان آخرها رصد مساعدة بـ205 ملايين دولار لمساعدتها على بناء قبة حديدية استكمالا لنظام مضاد للصواريخ قصيرة المدى موجه إلى لبنان وغزة وإيران.وهكذا لم تؤد سياسة عزل حماس التى تشارك فيها دول الاعتدال العربية بكل نشاط إلا إلى دعم إسرائيل سياسيا وعسكريا، وتفتيت الصف الفلسطينى.

ومن الواضح أنه لو نجحت التحركات الجارية لتشكيل محور يضم روسيا وتركيا وسوريا، فقد يمكن إعادة صياغة موقف دولى أكثر توازنا. خاصة أن الكتلة العربية لم يعد فيها اعتدال أو تشدد بل إذعان كامل لواشنطن وإسرائيل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved