شيطنة فلسطين وتجميل إسرائيل

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 17 يوليه 2014 - 7:55 ص بتوقيت القاهرة

من حق الفلسطينيين أن يقبلوا المبادرة المصرية للتهدئة فى غزة أو يرفضوها، وفقا لحساباتهم السياسية والعسكرية دون أن نعتبر ذلك مساسا بمصر ودورها ودون أن يكون ذلك مبررا للهجوم على الفلسطينيين لصالح إسرائيل. ومن واجب مصر كوسيط مواصلة جهودها من أجل التوصل إلى اتفاق يضمن تهدئة الأوضاع على حدودنا الشرقية. لكن الحمقى من مؤيدى نظام الحكم فى مصر قرروا الخروج على كل الثوابت واعتبار إسرائيل حليفا فى مواجهة الفلسطينيين لا لشىء إلا لأن حركة حماس المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين هى التى تسيطر على قطاع غزة وتقود المواجهة الحالية مع قوات وسياسات الاحتلال الإسرائيلى.

من حق مصر قيادة وشعبا أن تختلف مع حركة حماس الفلسطينية ومع خياراتها، لكن ليس من حق أحد أبدا شيطنة الفلسطينيين لأن المستفيد الوحيد فى هذه الحالة لن يكون سوى إسرائيل.

إن الإعلاميين والسياسيين الذين يحاولون التقرب من الرئيس عبدالفتاح السيسى بهجومهم العنيف على الفلسطينيين وبخاصة حركة حماس يسقطون فى فخ «موالاة إسرائيل» سواء كان ذلك عن عمد أو بدونه وهو ما يعنى ارتكاب جريمة «خيانة عظمى» فى حق مصر. لأن إسرائيل ستظل الخطر الأول والدائم الذى يهدد مستقبل مصر وحاضرها ولا يمكن أبدا القبول بالوقوف معها فى خندق واحد لمجرد أن هناك خلافا أو اختلافا مع فصيل فلسطينى يقود مواجهة تكتيكية مع العدو الإسرائيلى.

من يرى أن خلافنا مع حركة حماس أقوى من عداء إسرائيل لنا إما خائن أو جاهل. فهذه الحركة الفلسطينية ليست كل الفلسطينيين، كما أنها ليست كل قطاع غزة. والأهم أنه حتى اليوم لم يثبت تورط هذه الحركة فى أى نشاط معاد لمصر، بعيدا عن الاتهامات المرسلة التى يرددها البعض.

فى المقابل فإن قطاع غزة يمثل فى كل الأحوال عمقا استراتيجيا لمصر، ولا يمكن أبد القبول بخسارة هذا العمق من خلال استعداء الفلسطينيين وشيطنتهم لمجرد تحقيق بعض المكاسب الوهمية فى الصراع الحالى بين الدولة وجماعة الإخوان الفاشلة.

والحقيقة المؤلمة هى أن إعلام الكراهية فى مصر نجح بالفعل فى إقناع قطاع ليس بالقليل من المصريين بأن «العدو فى غزة» وليس تل أبيب، فأصبحنا نسمع ونرى من يشمت فى الضحايا الفلسطينيين ومن يسخر من تضحياتهم فى مواجهة العدوان الصهيونى. وأصبحنا نقرأ لمن يعلن صراحة انحيازه لإسرائيل «ودعاءه لها بالنصر» فى مواجهة «شياطين حماس».

الفلسطينيون ليسوا أعداء، وحركة حماس ليست إرهابية إلا بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، والإسرائيليون هم الخطر الذى يهدد الوجود المصرى الآن وفى المستقبل. وملف حوض النيل والتحركات الإسرائيلية التخريبية فيه كاف تماما لكل ذى بصيرة لكى يدرك هذه الحقيقة. لكن الله ابتلانا بإعلاميين وسياسيين اعتادوا المتاجرة بكل شيء من أجل تحقيق مكاسب مؤقتة، فلم يترددوا فى إعلان الانحياز إلى العدو التاريخى للأمة نكاية فى فصيل نختلف معه أو حتى نخوض معه معركة.

إن كل خطايا وجرائم جماعة الإخوان المسلمين، وارتباط حركة حماس بهذه الجماعة، لا يمكن أبدا أن تخفى الحقيقة الأهم والأقوى وهى أن عدونا فى الشرق هو إسرائيل وليس أى شىء آخر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved