لماذا أدانت جنوب أفريقيا العملية الإسرائيلية فى غزة؟

مواقع يهودية
مواقع يهودية

آخر تحديث: الأربعاء 17 أغسطس 2022 - 10:16 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Jewish News Syndicate مقالا بتاريخ 12 أغسطس للكاتب بين كوهين، تحدث فيه عن سبب معاداة جنوب أفريقيا للصهيونية، وكيف انتقلت إلى معاداة السامية واليهود بشكل عام. كما تناول ضرورة عدم تجاهل المجتمع الدولى هذا الأمر لمنع تفاقمه.. نعرض من المقال ما يلى.

بداية، لا يوجد فى أى بلد ديمقراطى فى العالم انتشار لمعاداة الصهيونية بشكل قوى كما هو الحال فى جنوب أفريقيا.

الضربات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد مواقع حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية فى قطاع غزة كانت إلى حد كبير بمنأى عن الإدانة الدولية التى رافقت عادةً التوغلات الإسرائيلية السابقة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن العالم لديه الكثير من القضايا الأخرى التى يقلق بشأنها، مثل الحرب فى أوكرانيا، والتضخم وأزمة الوقود هذا الشتاء، وخاصة فى تلك البلدان التى تعتمد على إمدادات الطاقة الروسية. هذا بجانب أن قوات الأمن الإسرائيلية أكملت عمليتها العسكرية فى غضون ثلاثة أيام فقط، مما أعفاها من دورة إخبارية طويلة تسيطر عليها صور الضحايا من غزة أو مظاهرات من أجل «فلسطين حرة»، على عكس الصراع الإسرائيلى مع حماس فى قطاع غزة الذى استمر 11 يومًا فى مايو عام 2021، والذى بسببه تعرض اليهود للضرب وسوء المعاملة فى مدن كثيرة حول العالم.

ومع ذلك، جنوب أفريقيا كانت الاستثناء. فمع اقتراب نهاية عملية «مطلع الفجر» ــ العملية الإسرائيلية الأخيرة ضد حركة الجهاد الإسلامى فى غزة، أصدر المؤتمر الوطنى الأفريقى ــ الحزب السياسى الحاكم فى جنوب أفريقيا ــ بيانًا دعا فيه المجتمع الدولى إلى «التدخل وإنهاء الهجمات الحالية والمستمرة من قبل نظام الفصل العنصرى الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى».

هذا البيان، فى جوهره، دعوة لدول العالم لحمل السلاح ضد دولة يهودية واحدة على هذا الكوكب!. كان هذا الحال أيضا وقت الأعمال العدائية فى مايو 2021، حتى أن الرئيس سيريل رامافوزا، قال لإذاعة فرنسية إن تصرفات إسرائيل تذكره بحقبة الفصل العنصرى فى بلده.

تعتبر كلمة «الفصل العنصرى» مفتاحًا لفهم لماذا جنوب أفريقيا ــ أكثر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ومعظم أوروبا وحتى أجزاء من العالم الإسلامى ــ تناهض الصهيونية ولا تعترف بحق إسرائيل فى وجود مستقل وذى سيادة. نظام الفصل العنصرى ساد أيضا فى جنوب أفريقيا معظم القرن الماضى حيث حكمت أقلية بيضاء بنسبة 10٪ بقبضة من حديد على الأغلبية السوداء بنسبة 90٪، وحصرتهم فى البلدات المزدحمة، وأنكرت حقهم فى التصويت، كما قيدت حقهم فى التعليم وحظرت الزواج والعلاقات بين الأعراق المختلفة.

وعلى الرغم من حيقة عدم وجود مثل هذه القوانين فى إسرائيل، إلا أن هذا لم يمنع حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى من وصم إسرائيل بنظام «الفصل العنصرى» فى مواجهة الشعب الفلسطينى. يؤمن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى والعديد من أفراد شعبه بأن إسرائيل هى نسخة طبق الأصل من نظام الفصل العنصرى الذى ساد فى جنوب أفريقيا، وأن اليهود الإسرائيليين، المنحدرين من جميع أنحاء العالم، لا يختلفون عن جماعة البوير الهولنديين الذين استعمروا دولة جنوب أفريقيا خلال القرن التاسع عشر.

• • •
يقول كاتب المقال إن العداء ضد إسرائيل فى جنوب أفريقيا لا يقتصر على معاداة الصهيونية بل يمتد إلى معاداة السامية التى تستهدف اليهود بشكل عام. فى الأسبوع الماضى مثلا، نشر أحد المنافذ الإخبارية الأكثر شعبية فى جنوب أفريقيا مقالًا افتتاحيًا يعادى السامية للكاتب فان هيردن، أظهر بدقة مدى سهولة الربط بين السامية وبين المخاوف بشأن الظلم العنصرى ضد الشعب الفلسطينى.

كاتب المقال الافتتاحى لا يرى أن إسرائيل تمارس الفصل العنصرى فحسب، بل تمارس إبادة جماعية شبيهة بالنازية ضد الشعب الفلسطينى. مع أن القليل من الرياضيات البسيطة تثبت أن هذا الادعاء هو والعدم سواء؛ ففى عام 1948 كان هناك ما يقرب من 1.2 مليون فلسطينى وفلسطينية، بينما فى عام 2022 يبلغ عددهم ما يقرب من 5 ملايين. باختصار، المشكلة الحقيقية تكمن فى الطريقة التى يتم بها تقديم ادعاءات على أنها حقائق لا جدال فيها.

على كل، كثيرًا ما يتم الاستشهاد بالصحفى الإسرائيلى المناهض للصهيونية، جدعون ليفى، لصرف النظر عن أى اتهامات بمعاداة السامية. قال ليفى، إن «لدى الشعب اليهودى إيمانا راسخا بأنهم الشعب المختار، الذى اختاره الله بنفسه. وباعتبارهم «شعبًا مقدسًا» ولديهم عهد مع الله، فلا يمكنهم أن يخطئوا».

مقولة ليفى تعزز معاداة السامية لأنها تثبت أن اليهود وثقافتهم عنصريون، وأنهم لن يعترفوا بأن ما قاموا به ضد الشعب الفلسطينى خطأ. وبخلاف ليفى، هناك كاتب إسرائيلى آخر يقول «كل شخص يهودى فى إسرائيل لا يرى الشعب الفلسطينى كبشر، وبالتالى فإن أى حجة مطروحة حول احترام حقوق الشعب فلسطينى لا تنطبق هنا لأنهم ليسوا بشرًا، وبالتالى يجب معاملتهم على هذا النحو». وهناك ثالث يقول إن الإسرائيليين «لا يمكنهم أو لن يعترفوا بأن ما يفعلونه لا يختلف عن أولئك النازيين الذين يمثلهم أدولف أيخمان (المسئول الأول عن عمليات إبادة اليهود)».

إن ما جاء فى المقال الافتتاحى لا يختلف كثيرا عما يقوله حكام جنوب أفريقيا. فحتى وفاتها المفاجئة بسبب السرطان الشهر الماضى، يمكن القول إن نائبة الأمين العام لحزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، جيسى دوارتى، كانت الزعيمة الجنوب أفريقية الأكثر إقبالا على الخطاب التحريضى الذى يستهدف إسرائيل واليهود، وخلال مظاهرة فى مايو 2021 خارج السفارة الإسرائيلية فى بريتوريا ــ عاصمة جنوب أفريقيا ــ قالت «إذا لم نوقف هذه الإمبريالية الإسرائيلية، فسوف ينتقلون يومًا ما إلى أفريقيا ويبدأون فى نزع ملكية أرضنا هنا».

• • •
كلمة أخيرة.. معاداة السامية موجودة فى جميع أنحاء العالم ولكن نادرًا ما يواجهها القادة المنتخبون، إلا أنها توجد بشكل مستشرٍ فى جنوب أفريقيا، وحماس حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى للتنديد بإسرائيل كدولة فصل عنصرى فتح أذهان مؤيديه لمعاداة السامية.

ويدعو ــ كاتب المقال ــ المجتمع الدولى، الذى أيد انتقال جنوب أفريقيا من حكومة عنصرية إلى ديمقراطية متعددة الأعراق، إلى عدم غض الطرف عن معاداة السامية التى يروج لها حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى. مشيرا إلى ضرورة قيام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، على وجه الخصوص، بتذكير شعب جنوب أفريقيا بأن مثل هذا الخطاب مرفوض، وعليهم أن يدينوا علانية كل قول من هذا القبيل.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى اضغط هنا:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved