إسرائيل ومنع سكان غزة من العيش فى الضفة الغربية

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 17 سبتمبر 2019 - 11:00 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة هاآرتس مقالا للكاتبة «أميرة هاس» تناولت فيه منع حكومة إسرائيل سكان غزة من التنقل والاستقرار فى منطقة الضفة الغربية على الرغم من اعتبار اتفاقية أوسلو أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة إقليمية واحدة... ونعرض منه ما يلى:
منتصف هذا العام، كان 2671 من سكان غزة (14% من سكان غزة) يعيشون فى هذه المناطق دون تصاريح إسرائيلية. أكثر من نصف هذا العدد، 1397، حصلوا على تصريح لمغادرة غزة لأسباب طبية، إما كمرضى أو مرافقين، لكنهم لم يعودوا. وبدأت هذا الظاهرة منذ 2017. فقبل ذلك العام، كان عدد من غادر غزة بدون عودة فقط 262.
تعتبر إسرائيل هؤلاء الفلسطينيين ــ من ينتقلون من غزة إلى الضفة الغربية ــ «أجانب غير شرعيين»، وقالت إسرائيل أنها تبذل جهودا «لوقف النمو» فى هذه الأرقام ولمنع استيطان الفلسطينيين من قطاع غزة فى الضفة الغربية.
وفقا لما أعلنته إسرائيل، غالبا ما تنتقل العائلات «على مراحل» من غزة إلى الضفة الغربية. يحصل شخص واحد من الأسرة على تصريح ويغادر، ثم يغادر أفراد أسرته المقربون إلى الضفة الغربية بناء على بعض التصاريح الإنسانية (زيارة مريض أو تلقى العلاج الطبى) ثم لا يعودوا. وتخشى إسرائيل من أن تستغل حكومة حماس أهالى غزة فى الضفة الغربية لتحقيق مصالحهم. منذ فبراير 2016، شملت إدارة التنسيق والاتصال فى منطقة قطاع غزة، التابعة لمكتب تنسيق الحكومة فى المناطق، «الخوف من عدم العودة» كأحد أسباب رفض طلبات الحصول على تصاريح، بما فى ذلك من يحتاجون إلى علاج طبى.
***
وبالفعل لاحظ مركز الميزان لحقوق الإنسان فى غزة وجمعية أطباء لحقوق الإنسان ــ إسرائيل أنه خلال العام ونصف العام الماضيين كان هناك ارتفاع فى عدد المرضى الذين حُرموا من تصاريح الخروج على أساس أن أقاربهم «أجانب غير شرعيين». تشير شهادات بعض المرضى التى تلقتها هذه المنظمات وهاآرتس إلى أنه فى بعض الحالات تم إخبارهم بأنهم لن يحصلوا على تصريح إلا إذا عاد أقرباؤهم إلى غزة.
قدمت كلتا المنظمتين، من خلال المحامى تامير بلانك، التماسا إلى المحكمة العليا وطلبت إبطال معيار «القلق من البقاء غير القانونى فى الضفة الغربية» كسبب لرفض تصريح الخروج الطبى، وكذلك إبطال شرط عودة الأقارب للحصول على تصريح. ورفض القاضى إسحاق أميت وأليكس شتاين وأوفر جروسكوف الالتماس، لأن الدولة أعلنت أنه لا يوجد مثل هذا المعيار، وأن عودة الأقارب ليست شرطا لمنح تصريح خروج للعلاج الطبى.. وقال القضاة إنه إذا تبين أن ما قالته الدولة لا يتوافق مع الوضع الفعلى، يمكن للأطراف العودة إلى محكمة المقاطعة لتجديد رفع الدعوى.
أما النيابة العامة فردت على الالتماس موضحة أن نحو ثلث من حصلوا على تصاريح خروج طبى ولم يعودوا لديهم أقارب من الدرجة الأولى فى الضفة الغربية كانوا يعيشون هناك دون تصاريح، ولكن عدد التصاريح التى تم رفضها خوفا من سوء استخدامها لم تكن كبيرة. وقالت إسرائيل أنه فى 2018 و2019، تم رفض 198 تصريح خروج طبى خوفا من إساءة استخدام التصريح، وليس فقط بسبب الأقارب المقربين. وأضافت إلى أنه بعد إعادة التقييم، 58 ممن تم رفضهم حصلوا على تصريح الخروج فى النهاية.
فى عام 2018، أصدرت إسرائيل نحو ستين ألف تصريح خروج من غزة (فى كثير من الحالات، حصل شخص واحد على أكثر من تصريح واحد). وكان نحو 16000 تصريح منهم تصاريح للعلاج الطبى، و12000 منهم كانوا يرافقون المرضى. من أصل 33000 تصريح تم إصداره فى النصف الأول من عام 2019، كان هناك نحو 15000 تصريح للمرضى ومرافقيهم معا.
وفقا لرد النيابة العامة، لا توجد طريقة لمعرفة عدد الأشخاص الذين لم يعودوا إلى غزة ويعيشون فى الضفة بشكل غير قانونى. لكن التجربة تظهر أن فرص القبض على هؤلاء وإرسالهم إلى غزة عالية، وهذا هو السبب فى بقائهم فى المدن الفلسطينية فى الضفة الغربية، ولا سيما رام الله، حيث يعملون عموما فى وظائف غريبة. فى الواقع، نظرا لأنهم يفتقرون إلى تصريح إسرائيلى، يظل سكان غزة عموما فى منطقة فلسطينية واحدة ولا يسافرون كثيرا بين المناطق حتى لا يتم القبض عليهم من قبل رجال الشرطة أو الجنود عند نقاط التفتيش أو فى المنطقة ج التى تقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة.
أمام كل شخص تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية بتصريح وبقى هناك، هناك العشرات، أو حتى أكثر، ممن حاولوا ولم ينجحوا. كلهم جزء من ظاهرة محاولات الهجرة فى قطاع غزة بسبب تدهور الأوضاع هناك والبطالة المرتفعة والحصار الإسرائيلى ومعارضتهم لحماس... من بين عشرات الآلاف الذين هاجروا فى السنوات الأخيرة، سافر الكثيرون إلى تركيا بتأشيرة سياحية أو دراسية وبقوا هناك، أو ذهبوا من تركيا إلى أوروبا دون تأشيرة فى محاولة للحصول على اللجوء السياسى... وحاول آخرون مغادرة غزة عن طريق البحر لكنهم غرقوا.
***
لكن الضفة الغربية ليست «للخارج» بالنسبة للفلسطينيين، وبموجب اتفاقيات أوسلو، من المفترض أن تكون الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة إقليمية واحدة. على الرغم من الفصل الجغرافى، والانقسام السياسى ــ الحكومى بين المنطقتين والأنظمة التشريعية المختلفة التى تطورت فيهما منذ عام 2007، إلا أن المنطقتين لديهما نفس الأنظمة الحكومية ونفس النظم غير الحكومية والطريقة التى يتم فيها تسجيلهم كسكان يتم بنفس الطريقة وفى نفس قاعدة البيانات (وزارة الداخلية الفلسطينية فى رام الله، تحت إشراف وموافقة إسرائيل)... وجميعهم يحملون جواز السفر الفلسطينى.
وفقا للسلطة الفلسطينية وجماعات حقوق الإنسان، فإن تعريف سكان غزة بأنهم «أجانب غير شرعيين» فى الضفة الغربية يتعارض مع اتفاقيات أوسلو والواقع الاجتماعى الأساسى. حتى عام 1991، كان سكان غزة قادرين على الانتقال إلى الضفة الغربية والعيش فيها دون أى مشكلة؛ ولكن إسرائيل بدأت اعتبارهم «أجانب غير شرعيين» فى النصف الثانى من التسعينيات، بالتوازى مع المفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved