سلبيات الحرب على الإرهاب

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الخميس 17 أكتوبر 2013 - 10:00 ص بتوقيت القاهرة

الحياة ــ لندن

تفخر الادارة الامريكية الحالية بأنها حققت نجاحات فى المواجهة مع تنظيم «القاعدة»، والجماعات الارهابية عموماً، فى العالم وداخل الولايات المتحدة. ولا يدع الرئيس باراك أوباما، والناطقون باسم الادارة، مناسبة تمر دون التركيز على هذا الجانب من الاستراتيجية الامريكية.

تتلخص استراتيجية الحرب على الارهاب، ميدانياً، بالتركيز على عمليات الاغتيال لمتهمين بأعمال ارهابية طاولت مصالح أمريكية أو أشخاصاً أمريكيين، عبر غارات الطائرات من دون طيار أو عمليات كوماندوز خاطفة.

هذه الاستراتيجية تجنب ارسال قوات الى الارض، مع ما يوفره ذلك من تعقيدات لوجستية ومالية وسياسية، ما يضمن للإدارة تأييداً محلياً فى معاركها الداخلية، خصوصاً فى الكونجرس. لكن هذه الاستراتيجية تدخل، فى الوقت نفسه، تعديلات أساسية على التعاطى الامريكى مع ملفات منطقة الشرق الاوسط، المعنية أساساً بالحرب الامريكية على الارهاب. لا بل تؤدى الى مضاعفات تؤثر سلباً فى العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة ودول المنطقة.

اضافة الى التمزق الحالى واحتمالات انفجار نزاعات مسلحة داخلية فى كل من العراق وافغانستان، بالتزامن مع الانسحاب العسكرى الامريكى، نظراً الى عدم وضوح الرؤية الامريكية بالنسبة الى البدائل التى يمكن ان توفر حداً من الاستقرار فى البلدين، دخلت ايران من هذه الثغرات لتوسع نفوذها فى المنطقة وتملأ الفراغ الذى احدثه غياب الرؤية الامريكية. وذلك على حساب دول المنطقة التى تضمن، بمصادر الطاقة فيها، العمق الاستراتيجى الامريكى. فكان الاكتساح الايرانى للعراق والتغلغل الواسع فى بقية دول المنطقة، وصولاً الى ضفاف المتوسط فى لبنان وسوريا. وجاءت المكالمة الهاتفية الاخيرة بين أوباما والرئيس الايرانى حسن روحانى لتشكل نوعاً من التوثيق لهذا التوجه الذى يثير كثيراً من المخاوف والقلق لدى بقية بلدان المنطقة، سواء بالنسبة الى المضاعفات فى الخليج أو فى الملف السورى. هذا الملف الذى حكم التعاطى الامريكى فيه، منذ البداية، هاجس الحرب على الارهاب، فاختلط فى الذهن الامريكى تحرك احتجاجى لشعب يرزح منذ عقود تحت حكم مستبد وطاغ وبين مفجر انتحارى يستهدف مصالح امريكية. وأدى هذا الاختلاط، ولا يزال، الى انعدام الرؤية الواقعية لمعنى ما يجرى فى سوريا، وصولاً الى تضخم فى دور المسلحين المتشددين، والذى بات بالنسبة الى الادارة تأكيداً لمخاوفها من الارهاب وضرورة الاستمرار فى استراتيجية محاربته دون الالتفات الى المعانى السياسية الكامنة وراء التخلى عن فهم التطلعات الشعبية ودعمها. هكذا تؤدى استراتيجية الحرب على الارهاب، وعلى النحو الذى تمارسه الادارة الامريكية فى بلادنا، الى نتائج عكسية. اذ ان الارهاب والتشدد يتمددان، ومعهما تتسع دائرة المواجهات والحروب المحلية، وينحسر حيز الحرية والتعددية.

عبدالله اسكندر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved