حماية

داليا شمس
داليا شمس

آخر تحديث: الأحد 17 نوفمبر 2013 - 7:00 ص بتوقيت القاهرة

العنوان هو لقصيدة كتبها الشاعر الشاب أحمد حداد، بعد أيام من ذكرى محمد محمود فى نوفمبر من العام الماضى، ونشرها فى ديوان «عزيزى فلان» الصادر عن دار الشروق. نفهم أكثر كلام حداد، ونشعر به أكثر، عندما نسمعه يؤديه وإلى جواره الملحن والمغنى الموهوب بشدة ــ حازم شاهين ــ حاملا عوده، فى أمسية مشتركة لهما «يا بنت يا سمرا»، أقيمت مؤخرا فى مركز دوم الثقافى بالعجوزة. معنى «باتحامى فيك يا شعب» أو الشعب الذى يتحامى ببعضه ليقاوم اليأس والغباء يتجلى من خلال الأمسية التى توافد عليها العديد من الشباب، ولم يتسع المكان للجميع فجلس أغلبية الحضور على الأرض، «متحامين ببعضهم البعض» ليتحول الجو إلى دفء مشاعر وتجاوب من نوع خاص. شباب، رجال ونساء، آل جاهين وحداد ( فالشاعر حفيد صلاح جاهين من ناحية الأم وفؤاد حداد من ناحية الأب، كما هو معروف) يحاولون بث الأمل والتشبث بروح ثورة يناير، حتى لو فرت دمعة من عين أحدهم حزنا على الحال أو خوفا مما قد تأتى به الرياح. حاليا هؤلاء الذين شاركوا فى الثورة أو تحمسوا لها، بعد مرور ثلاث سنوات، فى حاجة إلى حماية و«طبطبة» و«فضفضة»، تماما كما يقول أحمد حداد فى قصيدته « عزيزى فلان»: « أنا عايز أقلك على حاجة مضيقانى.. مضيقانى صحيح.. مش قادر.. مع إنها على طرف لسانى.. سيبك.. إنت رياضي؟.. ليك فى الكورة؟.. أصلى ماليش.. بتحب المناقيش وإلا البقدونس..ليك حد فى تونس؟..أنا ليا.. لكن زيك ما اعرفهمش.. إنما عايشين فى ضميرى.. وقريب ح تشوفهم فى قصيدة.. بقى لى كتير ما كتبتش حاجة جديدة..».

 

يتعالى الإحساس بالأشياء والمعانى مع صوت وموسيقى حازم شاهين.. الإسكندرانى الذى يتغنى دوما بمدينته «يا ملهمة فنان طليق يا إسكندرية».. الحبيبة والبلد... لا فرق بينهما، بنت الحواديت والأساطير والسمرا حيث «تاريخ الزرع والمية»، أو كما يقول أحمد حداد: «الجدعنة نص الحلاوة. والنص التانى عقل وشقاوة». تعبيرات وجه المتلقين وانفعالاتهم لا تقل بلاغة عن الكلمات، فبدون قصد تصدر عنهم تأوهات صامتة ترتسم على ملامحهم.. وأحيانا يعلو همسهم، مرددين أبيات حداد التى تعبر عنهم.. يهتفون مع أغنية «هاتلى يا بكرة صفحة جديدة. حط لى مصر فى جملة مفيدة. مصر بتصحى وتسقى الورد وتصبح على شعب عنيد»، كما لو أنهم يؤكدون أنهم هم الشعب العنيد!! فهم يعرفون أنفسهم، لكن أيضا بحاجة لحماية بعضهم البعض، حتى يستمروا فى الهتاف والغناء، بعيدا عن العنف.

 

مشهد الختام مع حازم شاهين وهو «عافق» عوده ليؤدى بعنفوان «بلادى بلادي»، أغنية سيد درويش التى تحولت إلى السلام الوطنى، أضاف للنشيد ثورة وإصرارا.

المكان مغلق، الجدران بيضاء ناصعة، السقف عال مثل البيوت القديمة، الديكور شرقى، والكراسى «مودرن» باللونين الأزرق والبرتقالى، أما الناس فمجموعة اختارت بشكل أو بآخر أن تظل معا، حتى لو لم يكن بينهم سابق معرفة.. كما يقول أحمد حداد: «عارف يا فلان.. أنا مكسوف جدا إنى باقولك يا فلان.. مع إننا المفروض من بيت واحد.. بس الله يجازى الأيام السودة.. خلت كل مواطن ملهى فى أوضة.. والأوضة مقفولة بمليون ترباس..». على ما يبدو لقد دخلنا «الأوضة» مجددا، تاركين الميادين، وأصبحت المجموعات المسالمة تتجمع ثانيا وثالثا فى غرف مغلقة، جدرانها بيضاء والسقف عالى، ليحلقوا فى الأفق، لكن داخل الغرف المغلقة... مرحبا بكم من جديد فى الشرنقة، ضمن «القلة المندسة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved