قمة بايدن للديمقراطية تحتاج إلى أكثر من الوعود

دوريات أجنبية
دوريات أجنبية

آخر تحديث: الأربعاء 17 نوفمبر 2021 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا لريتشارد فونتين وجاريد كوهين عرضا فيه ما يرونه من خطط عمل أو واجبات على قمة الدول الديمقراطية تبنيها للحفاظ على استدامتها وتحقيق أهدافها، وهى القمة التى ينادى بها بايدن والتى من المقرر عقدها فى ديسمبر المقبل... نعرض منه ما يلى:
يستعد الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن للوفاء بوعود حملته الانتخابية وعقد «قمة الديمقراطية» فى اجتماع افتراضى يضم أكثر من مائة من قادة العالم فى بداية ديسمبر المقبل. بعد تقريبا عام من انتخابه رئيسا، تعلمت إدارة بايدن أن قطع الوعود أسهل من الوفاء بها. وبدءا من اختبارات بيكين لصواريخها الهايبرسونيك (الأسرع من الصوت) ذات القدرات النووية إلى سقوط كابل، فإن الأشهر القليلة الماضية أوضحت التحديات التى تواجه الديمقراطيات فى العالم.
التزام إدارة بايدن بعقد القمة يعكس رغبتها فى تحقيق الوحدة الديمقراطية وحشد الدول ذات التفكير المماثل. ولكن حدث الشهر المقبل لا يمكن أن يشكل علامة فارقة فى تلك الحملة، بل يجب أن يشكل الخطوة الأولى لجهد طموح يثبت أن الديمقراطية تعمل فى القرن الـ21.
تبنت إدارة بايدن الحذر فى الإعلان عن التفاصيل، وظهرت قائمة مبدئية للدول المشاركة فى الأيام القليلة الماضية فقط. أجندة القمة التى تسعى لمحاربة الفساد والاستبداد وتعزيز حقوق الإنسان جديرة بالثناء ولكنها مختصرة. ومن المقرر عقد قمة لاحقة فى العام المقبل بهدف مراجعة ما تم تحقيقه والتأكيد على أن اجتماع ديسمبر المقبل لن يكون الأول والأخير. ولكن ما تسعى إليه القمة لتحقيقه مازال غير واضح، وكذلك مستقبل القمة على المدى البعيد.
•••
العملية المستخدمة لتحديد الدول المشاركة غير معروفة أيضا. تصنف منظمة فريدوم هاوس 83 دولة على أنها «حرة» من أصل 210 دولة، وتصنف 63 دولة على أنها «شبه حرة». أقل من 108 دولة قد تمت دعوتهم، منهم بعض الدول مصنفة «شبه حرة»، ولم تتم دعوة الدول «شبه الحرة» كلها... ليس من الواضح ما هى العوامل التى ساعدت على اتخاذ هذا القرار.
ومع ذلك، فإن السنة الخامسة عشرة على التوالى التى تعلن فيها مؤسسة فريدوم هاوس عن تراجع الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم هو الوقت الذى يحتاج فيه العالم الديمقراطى إلى إعادة تقييم نفسه والدفاع عن مبادئه الأساسية. وهناك ما يمكن البناء عليه؛ تحالف الأمن الرباعى بين الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند (كواد)، والذى قام لمواجهة تهديدات الصين، يظهر الحماس فى التوجه نحو التعاون الديمقراطى لمواجهة التهديدات الأمنية. حلف أوكوس بين أستراليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما أثار غضب الفرنسيين إلا أنه أثبت أن دول ديمقراطية فى ثلاث قارات مختلفة يمكن أن يعملوا معا فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ وتحقيق التعاون التكنولوجى. خفضت إدارة بايدن والاتحاد الأوروبى أخيرا التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم، مما عزز قدراتهما على التنافس مع الصين فى المجال التجارى.
بينما يجب على الولايات المتحدة أن تواصل العمل لتقوية المؤسسات الديمقراطية داخلها، يمكنها، بل ويجب عليها، أن تدعم الديمقراطية فى الخارج فى نفس الوقت. ويمكن أن تصبح قمة الدول الديمقراطية جزءا أساسيا من هذا الجهد.
•••
يجب على إدارة بايدن إيضاح ما تسعى وما لا تسعى إليه؛ فسيكون خطأ المبالغة من إمكانيات القمة والتعاون بين ديمقراطيات العالم، والتى تعتبر دولا متنوعة لها مصالحها وأجنداتها المختلفة. يجب على الإدارة الاعتراف بأن هناك الكثير من المجالات مثل التغير المناخى ومنع انتشار الأسلحة النووية التى تتطلب التعاون بين الأنظمة الديمقراطية والسلطوية.
الواقعية مهمة، وأيضا الطموح. من الأفضل للقمة أن تركز على ما هو أبعد من إصدار بيان عام وسطحى، فاليوم هناك حاجة ماسة إلى أصوات وأفعال الدول الديمقراطية فى العالم.
يجب أن ينصب التركيز على أهداف واقعية. يمكن للقمة أن تعمل على خلق مجموعات عمل من الدول الأعضاء لإتمام جهود معينة. يجب اختيار رؤساء وأعضاء هذه المجموعات على حسب المصالح والخبرة الوطنية. ويجب على هذه المجموعات تمكين وتضمين أكبر عدد ممكن من الدول الأخرى، وإظهار أنه حتى الدول الصغيرة يمكن أن تلعب دورا مهما.
•••
لتحقيق هذه الأهداف، يجب أن تقوم أجندة القمة على ثلاث ركائز. الأولى، انعكاس الدبلوماسية الداخلية على الخارج، وتسخير نقاط القوة فى بلد ما لتحسين الممارسات المحلية فى الدول الأخرى. يمكن لكوريا الجنوبية، على سبيل المثال، أن تترأس مجموعة عمل بشأن إجراء انتخابات بشكل فعال وسط جائحة أو أزمة وطنية أخرى. بعد قرار المحاكم لعام 2020 بإعادة الانتخابات بسبب الاحتيال، يمكن لملاوى أن تقدم دروسا فى الحفاظ على استقلال القضاء.
الركيزة الثانية هى الدفاع عن الديمقراطية ونشرها. يجب أن تهدف مجموعات العمل إلى الدفاع عن الديمقراطية ضد التهديدات الخارجية غير العسكرية مثل القرصنة والمعلومات المضللة والتدخل فى الانتخابات، وتوسيع الممارسات الديمقراطية فى الأماكن التى تفتقر إليها، بما فى ذلك فى بعض الدول شبه الحرة التى ستحضر القمة. على سبيل المثال، قد تقود إستونيا، وهى دولة تواجه محاولات تدخل روسية سيبرانية متكررة، جهدا يبحث فى طرق الدفاع عن الديمقراطيات الصغيرة ضد الهجمات الإلكترونية. يمكن لألمانيا أن تقود جهدا لإضفاء الطابع المؤسسى على تعزيز الديمقراطية، وطرح نموذجها القوى.
الركيزة الثالثة هى التعاون الديمقراطى فى مجال التكنولوجيا، وهو محورى فى المنافسة الجيوسياسية والاقتصادية والأيديولوجية والعسكرية بين الدول الديمقراطية والسلطوية. تتقدم الصين نحو تحقيق هدفها فى أن تصبح رائدة العالم فى مجالات مثل الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحيوية. بدأت الديمقراطيات فى العالم التعامل مع هذا الجانب من المنافسة، وأصدت المملكة المتحدة استراتيجية وطنية لجعل بريطانيا قوة عظمى فى مجال الذكاء الاصطناعى. وجعلت إدارة بايدن من التكنولوجيا جوهرا لسياساتها الخارجية، وعين مبعوثا خاصا للتقنيات الجديدة والهامة واقترحت مكتبا للفضاء الإلكترونى والسياسة الرقمية فى وزارة الخارجية فى أكتوبر.
ويمكن للدول المتقدمة تكنولوجيا إفساح المجال للدول الأصغر ذات القدرات التكنولوجية الجدية للقيادة؛ مثل فنلندا والسويد وإسرائيل وتايوان وهم مدعوون إلى المؤتمر. يمكن أن تنادى القمة هذه السنة بإنشاء مجموعة T12 (أو الديمقراطيات التكنولوجية الاثنتى عشر)ــ وهى مجموعة مقترحة من قبل كاتبى هذا المقال تضم 12 دولة ديمقراطية (أمريكا وفرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا واستراليا وكندا وكوريا الجنوبية وفنلندا والسويد والهند وإسرائيل) تعمل على استعادة زمام المنافسة التكنولوجيا العالمية ــ وهى خطوة تتلاءم مع ما نادى به بايدن من إنشاء «تحالف من أجل المستقبل التكنولوجى».
نجاح القمة على المدى الطويل يحتاج إلى أن تحدد القمة اختصاصها وتحقق الاستدامة وأن يتم تشكيلها على غرار القمم الأخرى المتعددة الأطراف الناجحة مثل مجموعة الثمانية التى أطلقت خطة عمل إفريقية فى 2002 كانت جديرة بالاهتمام، ومبادرة أخرى مهمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا فى عام 2004. النجاح تحقق بفضل المتابعات السريعة أول بأول، لذلك يجب أن تعلن القمة عن سلسلة من مجموعات العمل، كل برئاسة دولة عضو، لوضع خطط عمل تفصيلية. وفى العام المقبل يجب على المجموعات تقديم تقرير عن النتائج ومراجعتها ووضع خطط لمواجهة الأنظمة السلطوية على المدى البعيد.
الكثير متشكك حول ما يمكن للقمة فعله، لكن لدى إدارة بايدن فرصة لإثبات خطأ المتشككين، من خلال استخدام القمة كنقطة انطلاق لجهود طموحة ودائمة لتعزيز الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved