الوحش الذى يسرق الإسلام

محمد موسى
محمد موسى

آخر تحديث: الأربعاء 17 ديسمبر 2014 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

إلحاد ومخدرات وسياسة، كلمات تتردد مع اقترابك من أحد الأزقة فى شارع الفلكى، أهلا بكم فى «شارع الكفار والضرّيبة».

تحريض مناسب بعد يومين من إغلاق «مقهى الكفار»، يصلح تمهيدا لمذابح من نوع ما جرى فى سيدنى، أو لقتل التلاميذ جماعيا بأيدى سفاحى طالبان. التحريض من موقع «الوطن» على كل العابرين، فهم «يشربون الخمر والمخدرات، ومعظمهم ملحدون».

الإعلام الرخيص ليس وحده فى صناعة العنف باسم الإسلام، بعناوين منافقة، ومعلومات مختلقة أو ملتقطة من أفواه العابرين. إلى جانب الإعلام المجرم، هناك دول ترعى التشدد الدينى، وجماعات تؤسس وجودها على روابط «العصبة المؤمنة». هناك رجال دعوة فاسدون، ومؤسسات تنفق أموالنا لتصدر كتيبات الفتنة والهجوم على المسيحى والشيعى والبهائى، كما يفعل الأزهر نفسه فى مجلته الشهرية، منارة الإسلام الوسطى.

لماذا يفجر سلفى نفسه فى المسجد والناس تصلى؟. سؤال من «شبكة أخبار حماة» على فيسبوك، يخص حوادث تمتد الآن من العراق إلى نيجيريا. سؤال آخر: من أين جاء تنظيم داعش الإرهابى بأهواله التى ينسبها للإسلام، إذا كان الجميع يتبرأ منه؟.

سؤال من المفكر الفرنسى المسلم عبدالنور بيدار، الذى يرى أن هذا الوحش هو ابننا الذى ننكره. بيدار طرح سؤالا كبيرا قبل أسابيع على العالم الإسلامى: لماذا سرق هذا الوحش الحقير وجهك دون أى وجه آخر؟. ورد بيدار بأن العالم الإسلامى اكتشف فى القرن 18 أنه عاجز تماما عن مجاراة التقدم الغربى، فارتمى فى أحضان الماضى، واستسلم للتيار الوهابى الذى انطلق من الأراضى المقدسة ليتوسع، ومازال يتوسع.

العالم الإسلامى يعوض عجزه وفشله فى كل المجالات بتلك النزعة المتعالية، فنحن خير أمة، والآخرون نجس. لا نتعب من مدح أنفسنا وأخلاقنا وماضينا الذى نعيد إنتاجه، فى سابقة هى الأولى بين الشعوب، منذ حادثة الانفجار الكبير. فى الثقافة الإسلامية السائدة الآن لا نرى للدماء ثمنا، ونستمتع أحيانا بمشاهد قطع الرءوس.

«نفسى أنشر صور ومقاطع المجاهدين والمقاومين فى كل مكان، بس بسببها بيحصل حظر لحسابى هنا»، هكذا كتب قبل أيام عبدالرحمن عز، أحد نجوم العنف الإسلامى فى مصر، مضيفا: اللى عنده أى مقاطع أو صور يتفضل مشكورا، وتحية إلى أسيادنا المجاهدين فى كل مكان وزمان.

أسيادنا المجاهدون اغتصبوا حياة عشرات الأطفال فى بيشاور أمس، وجعلوا استراليا تعيش يومين من الرعب على رهائن المقهى وعلى قيمة التعايش. أسيادنا لا ينشرون الإسلام، بل ينشرون الكراهية للإسلام فى عموم الكوكب، وهى أكبر مؤامرة يتعرض لها الدين الحنيف منذ ظهوره، وبأيدينا، لا بيد الكفار.

قبل 7 سنوات، حذر الدكتور إبراهيم أبومحمد، رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية من أن المسلمين لم يستغلوا مناخ الحرية فى الغرب لتقديم الإسلام، وأمس الأول استغل مجنون المقهى مناخ الحرية ليختطف ويقتل ويروع. ليس دقيقا ما كتبه موقع الجزيرة، من أن الإسلاموفوبيا، صناعة أطراف غربية، تعود عليهم بالربح المادى والمعنوى، وتساعدهم فى الوصول إلى السلطة.

إنها صناعتنا، وفخرنا، وماضينا المستمر فى حاضرنا.

الدليل على ذلك أن الحملة التى انطلقت بعد دماء سيدنى لم تكن ضد الإسلام، بل لحماية المسلمين من اعتداءات محتملة، حملة بعنوان «سأكون معك».

أكرر دعاء زميلة صحفية على تويتر أمس: يا رب يا قادر أنقذ الإسلام من بعض المسلمين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved