ماذا عن الرئيس مبارك؟

معتز بالله عبد الفتاح
معتز بالله عبد الفتاح

آخر تحديث: الثلاثاء 18 يناير 2011 - 9:47 ص بتوقيت القاهرة

 بدأ هذا العام بثورة شعبية تونسية وسينتهى بإعادة انتخاب الرئيس مبارك للمرة السادسة كى يحكم مصر حتى يبلغ من العمر 90 سنة. هل هذا معقول؟

لقد شاهدنا ثورة شعبية تونسية ملهمة سيتبعها تغير فى السلطة وتغيير فى القواعد الحاكمة، أما المشهد المصرى فهو محكوم بقيادات الحزب الحاكم التى تبلغنا بأن الحزب متمسك بالرئيس مبارك قائدا وزعيما ورئيسا، وطمأننا الرئيس إلى أنه «فهم» النداء وسيظل فى خدمة مصر والمصريين «ما دام فى الصدر نفس يتردد وقلب ينبض».

والحقيقة أنا لا أعرف هل هذا وعد نطمأن له، أم هو خطر نتحسب منه. فهذه معضلة حقا أن يتصور الرئيس مبارك أن الخدمة الأكبر التى يسديها لمصر هو أن يظل فى السلطة إلى آخر يوم فى حياته.

كتبت من قبل أن «المصريين تعلموا التمرد» وأن خوفهم من الشرطة والتزامهم بالقانون فى تراجع مستمر. وكتبت عن «قصة ثورتين» وأوضحت فيها أن ثورتى إيران ورومانيا (وها هى تونس) أتت فى توقيتات بدت معها سحب التمرد تتزايد ويرفض القائمون فى السلطة وحلفاؤهم الاعتراف بها لدرجة أن تقريرا للمخابرات المركزية الأمريكية تنبأ أن نظام شاه إيران سيتسمر لعشر سنوات على الأقل أو فى حدود ما تسمح به صحته، وبعد شهر، قامت الثورة الإيرانية. وختمت المقالة بحكمة تقول: «ومن مأمنه يؤتى الحذر».

التمرد لا يأتى من المؤيدين ولكنه يأتى من المحبطين الذين تعدهم حكوماتهم السراء وتتركهم يعانون فى الضراء.

إن فتيل الثورة ووقودها فى الدول المذكورة هم الشباب المتعلم والعاطل عن العمل، المتسلح بالمعرفة وغير القادر على الاستفادة منها. إن نسبة الشباب المتعلمين بين العاطلين التونسيين 55 بالمائة، وهذه النسبة فى مصر نحو 58 بالمائة وهو عدد كافٍ جدا لإشعال تمرد لا يمكن السيطرة عليه، لاسيما مع فارق العدد.

بدا «بن على» غير مصدق وهو يتحدث للشعب التونسى أن تنتهى «خدمته لمدة 50 سنة» بهذا الشباب الكاره له. مع الأسف، تتكرر، مع فارق ضخم فى التفاصيل، تجربة العراق لنجد أن الحاكم يتشبث بالحكم قدر استطاعته ثم ننتهى إلى فراغ سياسى تملؤه قوى لم تكن مستعدة أو مدربة على تولى زمام الحكم، فتتزايد تكلفة انتقال السلطة لأن الوطن فى خدمة أوهام الحاكم الشخصية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved