عشرون مليار جنيه لتطعيم ١٠٠ مليون مصرى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 18 يناير 2021 - 9:35 ص بتوقيت القاهرة

من الذى يفترض أن يشترى اللقاحات الخاصة بمقاومة فيروس كورونا.. هل هى الدولة أم القطاع الخاص أم الاثنان معا، وما هى الميزانية الكاملة لتطعيم كل المصريين؟
هذه الأسئلة وجهها لى صديق عزيز مساء الخميس الماضى، ولم أكن أعرف إجابتها الدقيقة.
وللمصادقة فإنه بعد هذه المحادثة بقليل قرأت تصريحات مهمة للدكتورمحمد معيط وزير المالية مع إبراهيم عيسى على قناة القاهرة والناس يقول فيها: «نحتاج إلى ٢٠ مليار جنيه لتوفير جرعات لقاحات لـ ١٠٠ مليون مصرى، وأن الحكومة وقعت اتفاقيات لاستقدام ٢٠ مليون جرعة من عقار أكسفورد، إضافة إلى اتفاق حديث مع شركة فايزر.
مهمة دكتور معيط هى توفير التمويل أما صاحب القرار فى استيراد لقاح من عدمه، فهو اللجنة العلمية لكورونا وهيئة الدواء الموحد.
فى نفس اليوم تحدث الدكتور معيط أيضا لقناة إكسترا نيوز، وقال إن «المخصصات المالية لوزارة الصحة موازنة مفتوحة، وتم تحويل مليار جنيه للتعامل مع فيروس كورونا، وشراء المستلزمات الطبية، وتم تحويل مليار جنيه لوزارة الصحة لشراء لقاح فيروس كورونا.. وننتظر الفاتورة بالكامل، عشان عايزين لقاحات لـ ١٠٠ مليون مصرى».
كلام الدكتور معيط جيد جدا، ومطمئن إلى حد كبير، رغم أنه لم يحسم الأمر، ولم يقدم إجابات حاسمة على السؤال الذى يشغل كثيرين، وهو من الذى سوف يتحمل تكلفة اللقاحات لكل المصريين.
حتى هذه اللحظة لم يخرج أى مسئول سواء فى وزارة الصحة أو المالية أو مجلس الوزراء أو أى جهة ليجيب على هذا السؤال المهم.
كانت هناك إجابات جزئية. لكنها ليست كاملة. ظنى أن غياب الإجابة الكاملة، يعنى أنها غير موجودة بعد. وإلى أن نعرف هذه الإجابة فهناك أكثر من اجتهاد.
هناك وجهة نظر أولى وأساسية تقول إن مهمة توفير اللقاح تقع على عاتق الدولة. لأن صحة الناس خصوصا فى ظل الخطر الكبير الذى يمثله هذا الفيروس، يفترض أن تحتل الأولوية على كل ما عداها، مهما كانت أهميته.
أصحاب وجهة النظر هذه يقولون، إنه حتى لو تكلفت الدولة أموالا لم تكن فى حسبانها لشراء اللقاحات، فإن تطعيم كل المجتمع أو أغلبه، أو حتى من هم فوق الـ ١٨ عاما، يصب فى النهاية فى الأمن القومى للبلد، لأن العكس قد يعنى عدم قدرة قطاعات كثيرة على شراء اللقاح، وبالتالى فهناك احتمال لزيادة عدد الإصابات والوفيات وانتشار العدوى، وهو ما سيكلف البلد تكاليف وخسائر أكبر بكثير من إجمالى قيمة اللقاح إذا اشترته الدولة وقدمته مجانا للمواطنين. يضيف أصحاب هذا الرأى أن ثروة مصر الحقيقية هى مواطنوها الذين يمثلون الحاضر والمستقبل، وهم أهم من أى شىء آخر مهما كان، وبالتالى فسلامتهم وصحتهم هى الأولوية الأولى فوق كل ما عداها.
أصحاب وجهة النظر هذه يقولون أيضا إن دولا عديدة فى العالم أعلنت أنها سوف تتكفل بتطعيم مواطنيها، وأن دولا فى المنطقة، خصوصا منطقة الخليج قررت تقديم اللقاح مجانا ليس فقط لمواطنيها، ولكن للمقيمين والوافدين بل وأحيانا للزائرين!
لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن ظروف مصر المالية والاقتصادية، قد لا تسمح لها أن تتحمل كامل تكاليف التطعيم، وأنه ليس عيبا أن تطلب الدولة من القطاع الخاص ومن القادرين المساهمة مع الدولة فى تقديم اللقاح للمواطنين، وأن هناك حلولا كثيرة يمكنها أن تساعد فى هذا الأمر، ومنها أن تتفق مصر مع إحدى الدول الكبرى والصديقة المنتجة للقاح، لكى تحصل منها على رخصة لتصنيعه فى مصر، مما سيقلل التكلفة إلى حد كبير.
فى كل الأحوال علينا أن نناقش هذا الموضوع بكل شفافية ليس بحثا عن نقد وانتقاد لهذا الطرف وذاك، ولكن للوصول إلى أفضل الطرق للإسراع بشراء اللقاح وتقديمه للمواطن خصوصا الأطقم الطبية وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة.
ويبقى السؤال اللاحق وهو: ما الذى يمكن أن يقدمه القطاع الخاص والقادرون للمساعدة إلى جانب الدولة فى توفير اللقاح للمحتاجين وغير القادرين على شرائه؟!
الإجابة لاحقا إن شاء الله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved