«طاقية الإخفاء»

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 18 فبراير 2022 - 9:10 م بتوقيت القاهرة

يمكن مشاهدة فيلم (طاقية الإخفاء) إخراج نيازى مصطفى عام 1944 وإنتاج عز الدين ذو الفقار وزوجته عزيزة أمير اللذين اشتركا فى تأليف القصة مع عباس كامل وأبوالسعود الإبيارى، من خلال عدة مداخل منها ان المخرج هو واحد من الذين برعوا فى عمل الخدع السينمائية التى تبهر عيون المشاهد وهو الأمر الذى تكرر فى أفلام عن طاقية الإخفاء او ماشابها من أدوات سحرية ومنها فيلم عودة طاقية الاخفاء, اخراج عباس كامل 1946 ثم أفلام أخرى منها (سر طاقية الاخفاء) إخراج نيازى مصطفى و(فتوة الناس الغلابة) للمخرج نفسه حيث لم ينجح مخرج آخر فى السينما التقليدية لعمل مثل هذه المشاهد المبهرة: سيجارة يتم إشعالها بدون أن نرى وجه صاحبها مثلا أو ظهور سيقان عبدالمنعم ابراهيم دون جسمه، ولعل هذا هو السبب الذى جعل المخرج يقدم الطاقية من فيلم لآخر، كما أن موضوع فيلم اليوم لم يخرج كثيرا عن الفيلم الأول الذى كتبه الابيارى عام 1942 باسم «لو كنت غنى» حول الرجل البسيط صاحب المهنة الشعبية الذى تأتيه ثروة مفاجئة وتغير حياته تماما، وفى النهاية يكتشف أن الفقر الشريف أفضل من الثراء الشرير ففى فيلم اليوم هناك عباس (شارة واكيم) السمكرى فى منطقة شعبية المتزوج وله ولدان هما مرزوق وعبده، وتأتيه الطاقية داخل القنينات الأثرية فيستغلها فى تحقيق ثراء فاحش من خلال سرقات يقوم بها ما يشجع ابنه الأصغر على أن يسرق الطاقية ويتصرف بشكل فاحش فى السرقات وتحقيق الثراء، يندم الاب على ما فعله ويحاول استعادة الطاقية من ابنه الذى توحش اما الابن الآخر السمكرى ايضا فهو يعمل مطربا بإحدى الصالات ويغنى فيها، أما الأب فإنه يتصابى ويسعى للزواج من حورية التى تجسدها تحية كاريوكا، وفى النهاية يتم التخلص من طاقية الإخفاء.
هذا فيلم شبه مجهول لدى الكثيرين ويستحق أن أكتب عنه فى هذا الإطار لكن ما حفزنى أكثر للكتابة هو موضوع سبق لنا كشفه فيما قبل عن دور المخرج فى تمجيد الثقافات الصحراوية وقصصها على حساب الثقافة المصرية، وهو موضوع شائك للغاية فهو يحدثنا أن قصص الحب التى يجب على السينما أن تهتم بها هى قيس وليلى وعنتر وعبلة وغرام بثينة وأن أبطال الفروسية هم حاملو السيوف فى القبائل وأشهرهم عنترة ورابحة وسمراء سيناء وأبوفراس الحمدانى، بينما التاريخ المصرى القديم والحديث ملىء بقصص الحب الخالدة ومنها قصة ايزاودورا وإيزيس وأوزوريس.
كما لاحظنا فإننا امام فيلم عصرى ليس فى طياتها بالمرة أى رائحة الابطال وعشاق الصحراء، ولكن لماذا يقوم مرزوق (محمد الكحلاوى) بالغناء فى الصالة أغنية بدوية يتعمد فيها أن يقول إن أعظم الفرسان فى التاريخ هو عنترة وأن أعظم العاشقات هى ليلى حبيبة قيس أى انه يجمع ابطال قصتين مختلفتين ليرفع قيمة اهل الصحراء على البلد الذى نفخر أنه صنع الحضارة منذ سبعة آلاف عام، هذا هو ما أثارنى فى الفيلم رغم الدقائق القليلة التى يؤدى فيها الكحلاوى اغنيته لكن هذا المدخل الصغير جدا يؤكد أن نيازى مصطفى كانت لديه قصدية ظل يعمل عليها طوال سنوات عمره ربما من أجل امرأته أحيانا (كوكا) أو من أجل إعجابه غير المحدود بثقافة بعينها دون اخرى وهو فى هذا رائد سار على نهج ابراهيم لاما وتفوق عليه، وكان آخر أفلامه فى هذا الامر مع زوجته كوكا فى فيلم (أونكل زيزو حبيبى) مرورا بـ (رابحة، عنتر وعبلة، عنتر بن شداد، رابعة العدوية، وهيبة ملكة الغجر، الفارس الاسود، ثم اونكل زيزو حبيبى)، أعلم أن الأمر مثير للجدل، فالرجاء من الأشخاص أن يكتبوا تعليقاتهم «فقط» بعد مشاهدة افلام نيازى مصطفى الصحراوية واستيعابها والبحث عن الكيفية التى تعاملنا بها مع القصص الرومانسية وحكايات البطولات فى تاريخنا وابرزها على سبيل المثال (عروس النيل)، علما بأن فى تاريخنا القديم ما جعل هوليود تقدم اغلب هذا التاريخ عديدا من المرات ومنها افلام عن سنوحى ونفرتيتى وحتشبسوت واخناتون وكليوباترا التى تم صبغها بهوية المنتج الهوليودى اليهودى.. وأهلا بالحوار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved