دعوة مرفوضة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الإثنين 18 أبريل 2011 - 10:32 ص بتوقيت القاهرة

 الدعوة إلى إلغاء الأنشطة والمهرجانات الفنية العتيقة فى العالم العربى أيا كانت الأسباب وراء تلك الدعوة أمر مرفوض. وإذا كانت مجموعات شبابية تطالب على الفيس بوك بأن هناك مجالات اجتماعية وإنسانية ومعيشية تحتاج إلى رعاية واهتمام وميزانيات فهذا حقها، لكن أن يتم الربط بين إهمال البنية الاجتماعية والنمو والنهوض بمستوى المعيشة نتيجة سياسات الطغيان السياسى والفساد والأنانية والسطو على المال العام وبين وقف الأنشطة والتظاهرات والمهرجانات الثقافية والفنية تحت بند أن هناك أموالا طائلة تصرف على المهرجانات السينمائية والغنائية فيما يمكن صرفها على مستشفيات ومدارس وطرق وحماية الأسر من التشرد والفقر أمر غير مقبول.

والغريب فى الأمر أن الدعوة تم إطلاقها من دول كانت أكثر انفتاحا على الغرب الذى يعد اهتمامه بالفنون والثقافات منهجا اجتماعيا وسياسيا لا يمكن التفريط فيه، فقد جاءت دعوة شباب المغرب إلى نجوم مهرجان موازين الغنائى بألا يحضروا إلى المهرجان وألا يشاركوا فيه ومنهم شاكيرا، وليونيل ريتشى، وكاظم الساهر، وحسين الجسمى، وعبدالوهاب الدوكالى.

ويرى الشباب أنهم ليسوا ضد الثقافة والفن لكن هناك أولويات، حيث تنتشر البطالة والفقر فى المملكة ويرون أيضا أن المهرجان احد أكبر الدلائل على صورة الفساد المالى، حيث اتهموا المسئول بأنه يحصل على دعم مالى كبير من مؤسسات عدة لا يستفيد منها المهرجان ولا يعلمون عن منافذ إنفاقها شيئا.

إننى أدرك جيدا مشاعر هؤلاء فى مطاردة الفساد وأنا معهم فى أن كثيرا من المهرجانات الفنية الكبرى فى مختلف انحاء العلم العربى كانت مثار جدل وجذب للفاسدين والطامعين.. وعلينا أن نحاربهم ونوقف زحف تملقهم، لكن هذا لا يعنى أن توصد أبواب هذه المهرجانات التى تعد متنفسا حقيقيا للمبدعين والفنانين وأيضا للجمهور.. إننا ندعو لتطهيرها لا لإعدامها.. وكل ما أخشاه أن تنتشر مثل هذه الدعوة إلى مهرجانات وتظاهرات فنية وثقافية أخرى فى أرجاء العالم العربى، حتى لو كانت بها تجاوزات، وأخشى أن يتحول شعار ثوار المغرب «أين ذهبت أموال الشعب.. فى موازين والحفلات» إلى شعار عام فى الدول التى عانت كثيرا من نظام طاغ وفاسد اتخذ من المال العام هدفا للنيل منه.

لقد حانت اللحظة لأعادة النظر فى سياسات وميزانيات هذه المهرجانات، وتقويمها من كل معوج، وحانت اللحظة أيضا لأن يتقدم المشهد إبداعات نجوم الشارع الجدد من الشباب الذين حركتهم الأحداث.. وباتت مشاعرهم مسكن لآلام وآمال وأفراح وأحزان وقلق وأمان البشر من حولهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved