حان الوقت كى تنضم إسرائيل إلى معاهدة حظر السلاح الكيميائى

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الأربعاء 18 أبريل 2018 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

ينبغى القول بوضوح إن الهجوم فى سورية لم يأت لاعتبارات جيوسياسية، بل لاعتبارات معيارية. «الهجوم جاء دفاعا عن القيم» ــ قالت الناطقة بلسان البنتاغون. لقد خرق الأسد القيم فى موضوع السلاح الكيميائى، قيم تضمنها معاهدة دولية تحولت إلى قانون دولى فى سنة 1973، تحظر تطوير وإنتاج وتخزين واستخدام السلاح الكيميائى. هذه المعاهدة هى الأساس القانونى ــ الأخلاقى للهجوم فى سورية. صحيح أن دونالد ترامب سليط اللسان وليس حساسا إزاء مفاهيم بسيطة مثل «القيم» و«المعايير»، ورغم ذلك، فإن بيان البيت الأبيض صيغ بدقة من أجل الإشارة إلى الفارق بين الجيوسياسى وبين القيم.

جاء فى البيان أنه منذ الحرب العالمية الأولى اعترف المجتمع الدولى بأن السلاح الكيميائى ليس مثل سائر الأسلحة، وإصدار تحذير ضد خرق مبدأ لا شرعية السلاح الكيميائى هو بحد ذاته مصلحة أمريكية. لقد كان البيانان البريطانى والفرنسى أكثر حدة من البيان الأمريكى الذى جاء فيه: لقد كان ضروريا أن نتحرك لأن السوريين تجاوزوا خطا أحمر، خطا التزموا به عندما انضموا إلى المعاهدة الكيميائية فى سنة 2013، ومن الضرورى أن يفهموا أننا نسكت على تجاوز هذا الخط.

لقد تعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية، فى مجملها، باستهزاء مع عملية ذات دوافع قيمية ومعيارية، وليست ذات رؤية استراتيجية جيوسياسية: فما جرى عملية صغيرة جدا، ومحدودة جدا، تتمحور حول الموضوع الكيميائى فقط، لذا لا فرصة كى يتعاملوا معها بجدية. وتوضح ردة الفعل هذه أن الإسرائيليين يفهمون فقط القوة، ولهذا من الصعب عليهم تصور استخدام القوة كأداة لفرض معايير ونظام دولى. ومن وجهة نظر إسرائيلية، العملية لم تقدم شيئا لمساعدة مصلحة إسرائيل فى سورية، أى طرد إيران، أمّا فى الموضوع الكيميائى، فالكل يعرف بأن السوريين لن يتجرءوا على استخدام السلاح الكيميائى ضد إسرائيل، لأنهم يعرفون الرد الذى ينتظرهم، ولذلك، لتذهب المعايير إلى الجحيم.

من المؤسف، لكن ليس مفاجئا، أن طريقة التعامل الإسرائيلى مع المعايير والقيم الدولية ضيقة الأفق، لأن القيم وليست القوة هى التى تحوّل الفوضى إلى نظام دولى. بالإضافة إلى ذلك، ولأسباب تاريخية، يجب أن تكون إسرائيل تحديدا ملتزمة بصورة خاصة بفرض القيم التى تدعو إلى حظر استخدام السلاح الكيميائى والغاز. وبسبب ذكرى المحرقة يجب ألاّ تقف إسرائيل موقف المتفرج عندما تقتل دولة مواطنيها بالغاز. وإذا كان هناك وضع فى سورية يمكن لتدخل عسكرى إسرائيلى فيه أن يثير الاحترام والتقدير فإنه سيكون عملية عقابية ردا على استخدام الغاز فى قتل المدنيين. وأيضا فى العملية الهجومية الأخيرة، كان من الصائب أن تشارك إسرائيل، ليس فقط لأسباب رمزية قيمية.

كل ذلك ليس ممكنا لأن إسرائيل ليست عضوا فى المعاهدة الكيميائية. وبحسب مصادر أجنبية كان لدى إسرائيل فى الماضى البعيد مشروع سلاح كيميائى. لكن هذا كان فى فترة كان لدى كل دولة فى الغرب مشاريع مشابهة. يومها لم يكن وجود مثل هذا السلاح كسلاح رادع يتعارض مع القانون الدولى. المطالبة بالحظر الكلى لاستخدام السلاح الكيميائى طُرحت فقط فى سنة 1987، فى إثر استخدام صدام حسين له ضد المواطنين الأكراد فى دولته.

يتسحاق رابين هو الذى قرر فى يناير 1993، بخلاف رأى المؤسسة الأمنية، أن على إسرائيل توقيع المعاهدة الكيميائية. لكن بعد مرور 4 سنوات وبعد أن وافقت 167 دولة على المعاهدة وجعلوها سارية المفعول لم تكن إسرائيل بين هذه الدول. حاليا 193 دولة وقعت المعاهدة الكيميائية. بقيت إسرائيل ومثلها مصر وكوريا الشمالية والسودان خارجها. حان الوقت لأن تقوم إسرائيل بما هو صحيح قيميا وأخلاقيا وأن تنضم إلى المعاهدة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved