استهداف القصة الصحفية… من غزة إلى بغداد

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 18 مايو 2021 - 8:05 م بتوقيت القاهرة

نشرت موقع درج مقالا للكاتب حازم الأمين، يقول فيه الهدف الحقيقى وراء استهداف برج الجلاء فى غزة ليس بسبب شبهات استخدام حماس البرج لاستطلاع مواقع إسرائيلية فهذا معناه أن حماس تستطلع تحت مرأى ومسمع من الـ «أسوشيتد برس»!، لكن السبب الحقيقى هو منع الإعلام من كشف هول الانتهاكات ووجوه الضحايا، واستهداف للقصة الإنسانية... جاء فيه ما يلى:
هل يعيدنا استهداف الغارات الإسرائيلية لبرج الجلاء الذى يضم مكاتب صحفية فى مدينة غزة، إلى الحملة التى تستهدف الصحفيين فى العراق هذه الأيام؟ أم إلى استهداف القوات الأمريكية فى العام 2003 فندق فلسطين حيث كانت مكاتب معظم وسائل الإعلام التى تولت تغطية الاجتياح الأمريكى للعراق؟ الأمر سيان مادام المستهدف واحدا، وما دامت الرغبة بحجب الصورة ودفن الحقيقة وراء كل هذه الأفعال. وهنا ليس مهما أن يتشابه المرتكبون، مادامت المهمة واحدة، وهى منع القصة الصحفية من أن تنعقد على قرينة المشاهدة والمعاينة والتصوير.
الجميع يعرف برج الجلاء جيدا. لا قيمة عسكرية له ولا دور له فى هذه الحرب سوى استضافته مكاتب صحافية. هو موقع مدنى يقع فى شارع لا وجود فيه لحركة حماس. كما أن القول بأن قصفه فعل عقابى لأهل غزة لا يكفى لتفسير الفعل، ذاك أن الجيش الإسرائيلى يعرف تماما أن استهدافه سيستدرج رد فعل دولى سببه وجود مكاتب صحافية على رأسها مؤسسة أمريكية هى «أسوشيتد برس».
المفاوضات مع صاحب البرج التى سبقت تدميره، كشفت حجم التصميم على التدمير، والقول إن حماس تستخدمه لاستطلاع المواقع الإسرائيلية مثير للسخرية. ذاك أن هذا الادعاء ينطوى على اعتقاد بأن حماس تستطلع تحت أنظار الصحافيين والصحافيات، لا بل تحت أنظار الـ«أسوشيتد برس».
الإصرار على استهداف البرج نابع من رغبة فى منع الإعلام من كشف هول الغارات، ومن الوصول إلى وجوه الضحايا خلف مشهد الدخان الكثيف. هو ليس استهداف لحماس، بل استهداف للقصة الإنسانية التى يغلفها الدخان المنبعث من البيوت المدمرة فى القطاع.
لا شىء يفسر وظيفة الاستهداف، والإصرار عليه رغم التفاوض الذى سبقه سوى أن إسرائيل لا ترغب بتغطية الصحافيين والصحافيات حربها على غزة. فالعداء بين الغزاة والصحافة مأثرة نعرفها وسبق أن اختبرناها. فى كل غزوة تكون الصحافة على رأس بنك الأهداف. فى بغداد أثناء الغزو الأميركى عام 2003 وفى لبنان عندما غزا حزب الله بيروت عام 2008 واليوم فى غزة. ويستوى فى الاستهداف من يمكن أن يُحاسب ومن لا يحاسب، ذاك أن الجيوش الغازية على استعداد لاستعمال أى شىء فى سياق حملتها، وضرورة حجب الصورة هى المهمة الأسهل. فما كُشف أخيرا عن توظيف الجيش الإسرائيلى للإعلام فى مهام تضليلية ميدانية كان أشد فظاعة على هذا الصعيد، ذاك أن قيادة الأركان الإسرائيلية سربت لوسائل إعلام غربية أنها بصدد هجوم برى على غزة. وظيفة هذا التسريب كانت دفع مقاتلى حماس إلى الخنادق للتصدى لهذا الهجوم، ومن ثم الإغارة على هذه الخنادق. وبهذا المعنى لم يتردد الجيش الإسرائيلى فى تضليل الإعلام، وبالتالى توظيفه فى حربه على غزة.
يشبه انهيار برج الجلاء لحظة استهدافه الانهيار الذى أصاب أشقاءه من الأبراج الغزاوية التى جرى تدميرها فى نفس اليوم، وهى بدورها أهداف مدنية وسكنية. لكن البحث فى أنقاض مبنى الجلاء فى أعقاب تفجيره كشف عن معدات التصوير المخبأة فى علبها المعدنية، والتى تم نقلها إلى مكاتب وكالة الصحافة الفرنسية التى قررت استضافة فرق الصحافيين ممن دمرت مكاتبهم. أما الأبراج الأخرى فليس لأهلها من يأويهم، ثم أن أثاثات منازلهم لم تكن موضبة فى علب معدنية تحميها من هول الانهيار الذى أعقب الانفجار. وإذا كان للصحافة من يدين استهدافها ويتصل بنتنياهو محذرا من التعرض لها، فليس لسكان الأبراج غير الصحافية على شاطئ غزة سوى خيما تنضم إلى شقيقاتها التى نصبت فى أعقاب الاجتياحات التى تعاقبت على القطاع منذ عقدين أو أكثر.

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved