ترامب وبايدن والفلسطينيون

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 18 مايو 2021 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

فى خضم العدوان الإسرائيلى على غزة والقدس، وبقية المدن الفلسطينية، وامتداد العنف إلى قلب إسرائيل ذاتها، نشر كريستيان ويتون، أحد الذين عملوا مع الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب» تحليلا، يدافع فيه عن الرجل الذى عمل إلى جواره، ويشن هجوما على إدارة الرئيس «جو بايدن». فى رأيه أن ترامب جلب الهدوء إلى الساحة الفلسطينية الإسرائيلية من خلال تقليم أظافر إيران، وفرض العقوبات عليها، مما جعلها غير قادرة على تمويل الكيانات المسلحة التابعة لها فى المنطقة، وبعضها من الفصائل الفلسطينية، وتهميش السلطة الفلسطينية باعتبارها لا تستطيع أن تتحمل المسئولية، وتعانى من ضعف، فى الوقت الذى قويت فيه شوكة إسرائيل، مما أشعر بعض الأطراف العربية بضرورة التطبيع معها وهى الإمارات والبحرين والمغرب والسودان. أما الآن، فحسب وجهة نظره، يعود العنف على نطاق متسع بسبب عودة الحوار مع إيران، والتلويح برفع العقوبات عنها بسبب إحياء الاتفاق النووى، وفتح حوار مع السلطة الفلسطينية، وهو ما فتح شهية الأطراف للجوء إلى اللعبة القديمة.
تحليل غير واقعى، أو حقيقى، حتى وأن كانت به بعض الحقيقة. بالتأكيد هناك تدخلات إيرانية فى المشهد الفلسطينى الراهن، وهى ليست نتيجة أن إدارة «بايدن» غيرت التوجهات الأمريكية حيالها فقط، ولكن نتيجة شعور إيران أنها تعرضت لعدد من الإهانات الخارجية المتوالية على يد إسرائيل دون أن ترد بطريقة مرضية بالنسبة لها. فقد استهدفت إسرائيل مفاعل ناتانز، وعددا من السفن البحرية الإيرانية، والمواقع الإيرانية فى العمق السورى، وقدمت مساعدات وصفت بأنها مهمة للولايات المتحدة فى اغتيال قاسم سليمانى، وجاء الرد الإيرانى باهتا ومحدودا، ولجأت إلى المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية لتحقيق ما وصفه مسئول إيرانى بالمواجهة التكتيكية المحدودة لإيلام إسرائيل.
ومن ناحية أخرى فإن الادعاء بإن إدارة ترامب مهدت الطريق تجاه الهدوء والتطبيع ينقصه العديد من فهم طبيعة الصراع. كل ما فعله ترامب هو تجاهل معاناة الاحتلال والعنف على الأرض، على أمل أن ذلك قد يؤدى إلى حل المشكلات، فى الوقت الذى وافقت فيه على كل شىء تقريبا لإسرائيل، وبالتالى خلقت شعورا عميقا بانعدام المساواة، وعدم القدرة على حل المشكلات المزمنة من خلال المفاوضات التى توقفت، ولم يعد أحد يتحدث عن حل الدولتين أو العودة إلى مائدة المفاوضات، وهو ما زاد الحكومة الإسرائيلية تطرفا، واتجاها إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال ضم مزيد من الأراضى، وبناء المستوطنات، حتى بارقة الأمل التى كان من الممكن أن تسمح بحالة حراك فى المشهد الفلسطينى، وهى الانتخابات، تأجلت بسبب تعنت إسرائيل تجاه التصويت فى القدس الشرقية، وهو الإجراء الذى سبق أن وافقت عليه حكومات إسرائيلية سابقة. بالطبع المشهد الفلسطينى مرتبك، ومنقسم، ولم يستمع أحد إلى الأصوات الداعية إلى توحيد الفلسطينيين على مدار سنوات طويلة، وبدا أن هناك حرصا على بقاء الانقسام، مما جعل من السهل على إسرائيل أن تحقق أهدافها، وتجعل أيضا المجتمع الدولى ينصرف عن القضية الفلسطينية.
هل تملك إدارة «بايدن» التى بدأت فى الاتصالات المباشرة أن توقف العنف، وتعيد الأطراف المتنازعة إلى مائدة المفاوضات؟ وعلى أى أساس؟ وهل لا يزال حل الدولتين أو مبادرة السلام العربية قائما؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved