نصف رئيس

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 19 يونيو 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

بعد إصداره الإعلان الدستورى المكمل، نصب المجلس العسكرى نفسه دولة داخل الدولة، وأعطى لنفسه الصلاحيات التشريعية التى تشل حركة الرئيس الجديد، وتغل يده عن ممارسة صلاحياته فى إعلان الحرب او التدخل فى شئون الجيش، وهى على رأس صلاحيات أى رئيس فى أى دولة ديمقراطية حقيقية.

 

ففى أفضل الأحوال، لن يكون محمد مرسى، سوى نصف رئيس، ليس له أنياب ولا أظافر، لا يستطيع اتخاذ قرارات مصيرية، بعد أن التف المجلس العسكرى على ثورة يناير، وفرغها من مضمونها الديمقراطى، وأصبح هو الحاكم الفعلى للبلاد فى دولة عسكرية بديكور مدنى، بعد أن كنا فى عهد الرئيس السابق دولة مستبدة بديكور ديمقراطى!

 

حسابات المجلس العسكرى من البداية، راهنت على أن الإطاحة بمبارك وإيقاف مسلسل التوريث يكفى لإعلان نهاية الثورة ورجوع الثوار لبيوتهم، فى حين كانت طموحات ملايين المصريين تتعدى هذا الأفق العسكرى الضيق بكثير، لتشمل بناء دولة ديمقراطية حقيقية توفر الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لأبنائها.

 

ولم يعد الآن خافيا أن المجلس العسكرى هو المسئول الأول عن الانتكاسات التى منيت بها الثورة، بإدارته السيئة أحيانا والمريبة أحيانا أخرى للمرحلة الانتقالية، واتهامه الغامض لما سماه بـ«الطرف الثالث» بإشعال الأزمات الطاحنة التى واجهناها خلال الشهور الماضية، وتدبير المواجهات الدموية بين قوات من الجيش والثوار، وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية التى حاول مشعلوها الغامضون توجيه الرأى العام لكراهية الثورة والهجوم عليها.

 

قد ينتظرنا مستقبلا أكثر بؤسا، إلا إذا أدرك الإخوان أن محاولاتهم للتكويش على السلطة، قدمت للمجلس العسكرى كل المبررات ليقلم أظافر الثورة والثوار، بل وقد يحمل المستقبل كوارث لن يتحملها أحد فى مصر، سواء دخل الإخوان فى «تفاهمات سرية» مع المجلس العسكرى، ليشعلوا معارك طاحنة مع شباب الثورة، أو إذا أعلنوا راية العصيان بطريقة غير سلمية على سلطة الدولة العسكرية التى تريد أن تهيمن على الدولة فى مصر الآن!

 

الطريق الآمن الوحيد لاستعادة الأرض التى فقدناها، هو استعادة الروح الثورية التى سادت ميدان التحرير وأسقطت مبارك، والتى لن تتحقق إلا بتشكيل محمد مرسى لحكومة تضم كل القوى السياسية، ببرنامج يعبر عن الثورة لا عن الإخوان، ولا على عن أى فصيل آخر.. فهل يفعلها الإخوان لينقذوا الثورة من الضياع، وينقذوا أنفسهم من مؤامرة تستهدف ذبحهم؟!   

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved