الوزراء وصلة الرحم

أميمة كمال
أميمة كمال

آخر تحديث: الأحد 18 يوليه 2010 - 10:19 ص بتوقيت القاهرة

حمدت الله كثيرا عندما اكتفى السيد وزير الإسكان أحمد المغربى بتوعده لكل من يتطاول أو يتكلم أو يفكر أو يحاول أن يربط بينه وبين بيع أرض التحرير أن يشكوه للنائب العام. ولكنه ولله الحمد لم يشر إلى أى تهديدات تخص الحديث عن علاقة السيد الوزير أو عائلته بشراء قرية توت آمون بأسوان، أو الكلام عن أى علاقة تربط بين شركة يسهم فيها الوزير وبين شراء أرض القاهرة الجديدة.

وأقولها ثانية: إن الوزير كان محددا للغاية فى تهديده فى برنامج (مصر النهاردة) يوم الخميس الماضى.

هذه مقدمة لابد منها لكل من تربى فى هذا البلد على مقولة «من خاف سلم»، مع أن المثول أمام النائب العام «جميل جدا» ولابد أن يحمد لصاحب الفضل فيه، لأنه يتيح فرصة لكثيرين للبوح أو الهمس فى أذن السيد النائب العام بكثير مما يختزنه المرء. ولذلك من الآن فصاعدا سنسمى أرض التحرير «الأرض إياها» من باب الاحتياط، لأن إيد الوزير طايلة، ولمزيد من الاحتياط أقصد أى وزير.

على العموم احتياطيا وليس خوفا لن نسأل السيد الوزير لماذا سكت ما يقرب من شهر قبل أن يستقوى قلبه إلى هذا الحد الذى ظهر به فى التليفزيون المصرى الذى لم نعتد منه أن يترك رجالات الحكومة أو الحزب الوطنى يواجهون الاتهامات كل هذه المدة وحدهم دون سند إعلامى. ولن نستفسر من الوزير عن سر تلقف وسائل الإعلام له الأسبوع الماضى من صحف ومجلات، والاحتفاء والتهليل لما جاء على موقع الحزب الوطنى من دفاع. مع أن هذه الوسائل الإعلامية هى ذاتها التى شنت هجوما ضاريا عليه. ثم فجأة حولت الدفة مع دفة الحزب الوطنى.

أكرر القول بأنه من باب الاحتياط وليس الخوف. أسال ما الجديد فى الذى قاله الحزب الوطنى (على صفحات جرائده المباشرة وغير المباشرة) الذى استدعى التهليل ببراءة السيد الوزير من كل الاتهامات التى ساقتها له وسائل الإعلام. وماهو الذى حمله السيد الوزير إلى برنامجه لم نكن نعرفه من قبل.

الحقيقة أن الوزير قال فى برنامجه التليفزيونى كل ما كنا نعرفه. قال إنه لاعلاقه له بشركة آكور الفرنسية التى اشترت أرض التحرير، وليس لشركة آكور المصرية أدنى ارتباط «بالأرض إياها». خلاص صدقنا.

وقال إن شركة بالم هيلز اشترت «قرية» آمون وليست «جزيرة» آمون وهذا كنا نعرفه جميعا وليس جديدا. وقال إنه يملك «وحده» 2.5% من شركة بالم هيلز التى اشترت القرية دون أن يذكر حجم مساهمات عائلته.

وقال إنه لم يتم البيع النهائى لشركة بالم هيلز التى «لم تتملك أو تتسلم أو تضع يدها أو تتصرف فى أرض وقرية توت آمون نتيجة لبعض المعوقات فى تسجيل كامل أرض القرية». وهذا أيضا ليس جديدا، لأنه سبق للشركة أن نشرت إعلانا يحمل نفس المعلومات.

والحقيقة (أنه بدون خوف ولااحتياط) أقول إننى لم أر استخفافا بالعقول أكثر من ذلك. فهل شراء شركة يمتلك فيها الوزير نسبة 2.5% أوأكثر (إذا ماعرفنا باقى مساهمات عائلته على الأقل ابن خالته) لقرية تمتلكها الدولة غير مخالف للدستور؟.

وهل توقف البيع بعد دفع 12 مليون جنيه كمقدم لشراء القرية بسبب بعض المعوقات الخاصة بتسجيل الأرض يصلح كدفاع عن عدم الوقوع فى خطأ مخالفة الدستور بل تحديه علانية؟.

فالدستور ينص، وهذا بالطبع غير قابل للاجتهادات، فى مادته (158) على أنه «لايجوز للوزير أن يزاول مهنة حرة، أو عملا تجاريا، أو ماليا، أو صناعيا، أو أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة، أو أن يؤجرها، أو يبيعها شيئا من أمواله».

ولم يُضف الدستور استثناء، أو لم يُخرج من الحظر من يمتلكون أقل من 2.5% من رأسمال الشركة التى تشترى قرية من الدولة. كما لم ينص الدستور أيضا ماإذا كان هذا الحظر يتم رفعه فى حالة مايكون الوزير قد دفع مقدما، وتأخرت البيعة لأسباب خاصة بتأخر فى تسجيل الأرض أو لأى أسباب أخرى.
وهل هناك استخفاف أكثر من أن يدافع الوزير على الاتهام بأن نفس الشركة التى يمتلك فيها الوزير وابن خالته أسهما قد اشترت مليون متر مربع فى القاهرة الجديدة فى عام 2005 بالرد بأنه لم يكن وزيرا للإسكان دون أن يقول ولكنه كان وزيرا للسياحة. وكأن الدستور حظر الشراء على الوزير لما يكون إسكانيا ومسموح عندما يكون سياحيا.

والحقيقة أن الظرف الآن أصبح ملحا لتعديل دستورى يراعى نسبة تملك الوزراء للشركات، ويحافظ على صلة الرحم مع أقاربهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved