دهشة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الجمعة 18 يوليه 2014 - 5:05 ص بتوقيت القاهرة

إلى أى مدى يمكن أن يدهشنا يحيى الفخرانى؟

السؤال أطرحه على نفسى عقب كل عمل فنى أشاهد فيه هذا النجم الذى يزلزلنى أداؤه.. صوته.. نظراته.. حركاته.. والتى تشكل فى النهاية أقسى درجات دراما الحياة.. ليس بمفهومها التقليدى من صراع بين الخير والشر، وإنما دراما صادقة نتيجة خياراتك فى الدنيا.. ولقدرك الذى تشكل ملامحه الأولى بنفسك بينما الباسل أحمد الباشا، هى تلك الشخصية التى يجسدها الفخرانى بعظمة فى مسلسل «دهشة» وسر عظمتها أنها مثل الدنيا تبدو ساعاتها الأولى هادئة، حنون، لكنها مع مرور الزمن تكشف عن وجه آخر يعكس كل مفردات الغدر والحيرة.

الشخصية بشكلها العام جسدها الفخرانى من قبل فى مسرحية «الملك لير» على خشبة المسرح، وقدمها بشكل رائع فاق بكثير نجوم عالميين قدموها من قبل، ومنذ تلك اللحظة وتعيش مأساة لير بداخل نجمنا، متأثرا بمصير هذا الملك الذى حاول أن يسعد من حوله، وهو لا يدرى أنهم سيجعلونه أتعس رجل فى العالم.

فكما هو معروف ان قصة لير أو الباسل تدور حول الرجل الذى يوزع ثروته على ابنتين من بناته الثلاث، وهو على قيد الحياة، لكنه يفاجأ بعقوقهن وتخليهن عنه بعدما نالت كل واحدة نصيبها من الثروة، والحكاية هنا صاغ لها السيناريو والحوار القدير عبدالرحيم كمال فى رؤية درامية عميقة مشوقة فى تطرقها إلى طمع النفس وجحود الأبناء، وبالطبع جاءت الصورة موحية تماما بفضل رؤية ذكية لشادى الفخرانى الذى شرب من واقعية فن الأب النجم والبطل.

ان الفخرانى بأدائه كان يطرق باب الروح ليد شابها فيض من المشاعر، تتقلب وتتقلب بين جنة ونار، لا تعرف إلى أين المصير، حيث تتمحور الأحداث حول الحب والسلطة، وهل يمكن ان يجتمعا معا، فالأب الذى يمثل السلطة كان ينبغى حب بناته الثلاث، وكان هناك خطأ درامى رئيسى هو محاولة ابراز العلاقة بين العقل والقلب والسلطة أيضا، وهل عندما يتحكم العقل يكون القلب فى أمان وحينئذ لا أهمية للسلطة.

الباسل فى مسلسل «دهشة» فتح باب الحياة بمنوالها هذا على مصراعيه عندما منح ثروته لابنتيه رابحة (حنان مطاوع) التى تسعى لتلك الثروة، ونوال (سماح السعيد) بينما يرفض أن يمنح ابنته الثالثة نعمة (يسرا اللوزى) أى شىء من ثروته رغم أنه يحبها كثيرا، لذلك تمردت عليه وتزوجت من ابن أخيه رغما عنه.

دروس المسلسل الفنية والأدبية كبيرة.. فى مقدمتها هذا الفنان الكبير يحيى الفخرانى الذى مازال بركان الأداء بداخله يفجر طاقة ملهمة وموحية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved