أمريكا وبريطانيا لا يمكنهما هزيمة «داعش»

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الإثنين 18 أغسطس 2014 - 7:50 ص بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة «نيو ستيتسمان» البريطانية مقالا للكاتب صنى هندال يؤكد فيه على أن تدمير تنظيم داعش لابد أن يأتى من قوة ذات قيادة مسلمة (الدول العربية). جاء فى المقال أنه بينما أصبح أوباما رابع رئيس أمريكى على التوالى يجيز توجيه ضربات جوية فى العراق، قال الرئيس الأمريكى إن الجماعة الإرهابية الأقوى فى العالم، الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، مشكلة عربية وأنه يتعين على الزعماء الإقليميين التعامل معها.

وقال أوباما، فى أوضح إشارة إلى تفكيره، أثناء مؤتمر صحفى عقد خلال الأيام الماضية: «إن (داعش) هذه ليست المشكلة التى يمكن للجيش الأمريكى حلها.» كما قال إنه «يمكننا بعد ذلك أن نكون أحد البلدان الكثيرة التى تعالج المشكلة الأوسع التى تمثلها «داعش»، لكن الولايات المتحدة لن تتولى القيادة.

•••

وأشار الكاتب إلى أنه على امتداد العام الماضى استولت داعش على أراض هى الآن أكبر من بريطانيا العظمى. وهى من بين أسرع الجماعات الإرهابية نموا وأكثرها ثراء فى كل العصور. وبعد أن كانت فى البداية تمول جهودها بالابتزاز والتهريب والتبرعات الخاصة، أصبحت على قدر كبير من الثراء فى شهر يونيو عندما حصلت على 400 مليون دولار نقدا وذهبا من البنك المركزى فى الموصل. ومنذ ذلك الحين استولت كذلك على حقول نفط، كما أنها تكسب يوميا ما يصل إلى ثلاثة ملايين جنيه إسترلينى من بيع هذه الموارد فى السوق السوداء. كذلك حدثت الجماعة ترسانة من الأسلحة والمركبات استولت عليها من الجيش العراقى. بل إن القوات الكردية جيدة التدريب التى يُخشى بأسها يجرى طردها فى بعض المناطق.

كما أثارت محنة الأقليات العراقية، وخاصة الأيزيديين، رد فعل قويا كافيا لإثارة المطالبة بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لمساعدة تلك المجموعات والقضاء على داعش. ويؤكد هندال أن كلامه هذا ليس باعتباره معارضا أعمى للتدخل، لأنه سبق وأيد غزو أفغانستان للقضاء على طالبان وكذلك التدخل العسكرى الثقيل فى سوريا لتحاشى الأزمة الإنسانية، لكن مسار العمل سيتسم بالتهور ويصبح ذا أثر مضاد. وفى هذا الشأن، الرئيس أوباما محق بشكل مطلق: فالمشكلة التى تمثلها داعش لا يمكن أن يحلها الجيش الأمريكى. ذلك أن عملية عسكرية واسعة المجال تتقدم صفوفها الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة لهزيمة داعش محكوم عليها بالفشل. والواقع أنهم يرحبون بهذا الاحتمال. فقد قال متحدث باسم الجماعة لفايس نيوز: «لا تكونوا جبناء وتهاجمونا بالطائرات بدون طيار. بل أرسلوا بدلا من ذلك جنودكم، هؤلاء الذين أذقناهم الذل فى العراق. وسوف نذيقهم الذل فى كل مكان بمشيئة الله». وأضاف أن داعش سوف تحب أن تغزو الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالجنود أو تزيد من القصف الجوى فى أنحاء البلاد.

أضاف الكاتب؛ هناك سببان رئيسيان لاعتراضى على هذا الإجراء. ألا وهما؛ لن يحدث القصف الجوى فرقا كبيرا، وربما يؤدى كذلك إلى خسائر مدنية كبيرة. وداعش على معرفة شاملة بقتال الجيش النظامى فى سوريا. وتتحرك باستمرار حول المعدات والأشخاص. وفى الحرب البرية (غير المحتملة إلى حد كبير)، سوف تعوق القوات الأمريكية والبريطانية فى حرب برية مكلفة ومستنزفة تمتد لسنوات، إن لم يكن لعقود.

•••

ويوضح هندال فى مقاله أن داعش ليست حفنة غير متجانسة من المتمردين مختبئة فى الكهوف، وهو ما صارت إليه القاعدة إلى حد كبير الآن. بل هى جيش لحرب العصابات مجهز تجهيزا جيدا يحارب على جبهات مختلفة عديدة ويكسب معظمها. ومع أن جيش صدام حسين لم يقاوم الجنود الأمريكيين، فسوف يجد مقاتلو الدولة الإسلامية متعة كبيرة فى قتالهم على أرضهم المقدسة. وسوف يكون للهجوم الذى يقوده الغرب على داعش نتائج سلبية بسبب رد الفعل الحتمى. كما أن إقامة الخلافة لم يجعل داعش أكثر جاذبية من القاعدة فحسب، بل يضع الجميع فى مأزق. وأصارحكم القول بأنه لا يمكن رؤية الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة على أنها تشجع تدمير أنجح خلافة فى العصور الأخيرة.

وفى نهاية المقال يقول الكاتب مؤكدا: لا يهم كم من الأئمة فى أنحاء العالم نأوا بأنفسهم عن داعش، إذ يجب أن يأتى تدمير هذه الخلافة على يد قوة يقودها مسلمون. ورمزية عدم حدوث ذلك هى أننا سوف نصد الهجمات الإرهابية للأبد. ولتقديم مثال لشعبيتهم، فبينما لم يُعثَر على مسلم هندى واحد يحارب مع القاعدة (فى بلد به ثانى أكبر شعب مسلم فى العالم)، لم تلهم داعش الأئمة فحسب، بل اجتذبت أربعة مقاتلين مسلمين هنود. ولا يمكن التقليل من شأن رمزية الخلافة، ولا من شأن رمزية تدميرها. بافتراض أن أوباما يعلم ذلك. وهذا هو السبب فى أن هناك ترددا عبر الإدارتين الأمريكية والبريطانية، وأنه قال إن القادة العرب يتعين عليهم قيادة الهجوم على داعش. وكانت الضربات الجوية التى أجازها أوباما مؤخرا محدودة، إذ كانت لمساعدة القوات المسلحة الكردية على مقاتلة داعش فى شمال العراق فحسب. بل إن الحكومة البريطانية لا تجادل فى توقع الانضمام إلى حليفها فى هذه الضربات الجوية ويعارض حزب العمال بشكل تام أى إجراء كهذا. وهناك سبب أيضا لقدرتنا على التراجع عن دخول هذا الصراع. فعلى النقيض من القاعدة، يتجه مركز اهتمام الدولة الإسلامية إلى الداخل. ذلك أنها تريد تعزيز الأراضى الواقعة عبر الشرق الأوسط قبل اكتساب قوة الولايات المتحدة. ومن المفارقة أن المملكة العربية السعودية التى رعت الوهابية لعقود، تهددها الآن جماعة تقوم على أيديولوجيتها نفسها. وينبغى أن نسمح لها بالتعامل مع النتائج.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved