كُتُب عن كُتُب

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: الأحد 18 أغسطس 2019 - 3:35 م بتوقيت القاهرة

 

أثناء تجولي وسط مكتبات وسط البلد في القاهرة (وهي هواية محببة جداً إلى قلبي) وقع نظري على كتاب للكاتب الكبير بهاء طاهر بعنوان "في مديح الرواية" وهو كتاب عن روايات وروائيين من منظور الكاتب الكبير، هناك كتاب آخر من تأليف الكاتب الكبيرونقيب الصحفيين الأسبق كامل زهيري (رحمه الله) بعنوان "سبعون كتاباً في كتاب" وفيه آراء وتحليل الكاتب الكبير لسبعين كتاب، وللكاتب العظيم عباس محمود العقاد عدة كتب في نفس هذا المجال مثل "ساعات بين الكتب" و"مطالعات في الكتب والحياة"،و إذا تأملنا الكتب الأجنبية لوجدنا كتب بعناوين مثل "Books That Changed The World" (أو كتب غيرت العالم) و"Great Books Reader" (أو قارئ الكتب العظيمة) و"The 100 Most Influential Books Ever Written" (أو أعظم مائة كتاب تأثيراً) والقائمة تطول لتصل عنان السماء، ما الذي يجمع كل ذلك؟ إنها كتب عن كتب، فهل تلك الكتب مفيدة؟ أم هي مثل كتب الملخصات الدراسية التي تهتم فقط بتلخيص المنهج حتى يراجعها الطلبة بسرعة ولا تزيد أو تعمق الفهم؟ هناك عدة أنواع من الكتب عن الكتب ولكل منها مزاياها وعيوبها.

 

النوع لأول هي كتب تلخص الكتب وهي تحاول استخراج النقاط الأساسية من الكتب الأصلية وكتابتها في أقل عدد من الكلمات، هناك بعض الشركات تقدم تلك الخدمة لرجال الأعمال مثلاً بمقابل مادي أو إشتراكات وهي تلخيص الكتب التي تتكلم عن إدارة الأعمال والإقتصاد حتى يتسنى لهم معرفة الجديد في هذه المجالات في أقل وقت ممكن نظراً لإزدحام جدولهم اليومي، لكن هذا سيناريو متخصص جداً، ماذا عن باقي أنواع الكتب؟ وماذا عنك أنت؟ هل ستحصل على نفس المعلومات بقراءة تلك الملخصات؟ هذه الملخصات لا تنفع مع جميع أنواع الكتب، هل تظن أن تلخيص رواية شيء جيد؟ وبخصوص الأعمال غير الروائية الملخصات ستعطيك الفكرة ولكن لن تعطيك العمق الكافي في الفهم الذي تحتاجه لتطبيق الفكرة ما لم تكن أنت شخصياً من كبار المتخصصين في هذا المجال (مثل المديرين التنفيذيين وكتب إدارة الأعمال)، الكتاب الأصلي يعطيك الفكرة ويعطيك أمثلة على تطبيقها ويعطيك فلسفة هذه الفكرة ولماذا هي فكرة جيدة.

 

النوع الثاني هي كتب تعرض رأي كاتب في كتب وهي تشبه كتاب "في مديح الرواية" وكتاب "سبعون كتاباً في كتاب" الذين ذكرناهمها في بداية هذا المقال، الأهمية الكبرى لهذه النوعية من الكتب أنها تجعلنا نتعرف على الكاتب بطريقة أعمق لأننا سنرى هذه الكتب بعينيه، يمكننا إذاً أن نعتبر تلك النوعية من الكتب بمثابة سيرة عقلية للكاتب، لن يغنينا ذلك عن قراءة الكتب الأصلية لأن ما نقرأه هنا سيكون رأياً وليس ملخصاً فقد يرى الكاتب أن نقطة ما مهمة ويغفل نقاطاً أخرى قد تكون مهمة بالنسبة لك.

 

النوع الثالث هي كتب تعرض أسماء الكتب في مجال معين أو لكاتب معين وهو ما نطلق عليه البيبليوجرافيا، هذا النوع لن يهم القارئ العادي بل هو للمتخصصين والتخصص هنا يشمل علوم المكتبات والمهتمين بكتابة التراجم العلمية للكتاب والعلماء وما شابه ذلك، فقد نرى ببليوجرافيا لمؤلفات عالم من العلماء وهي تعطينا فكرة عن العطاء الفكري لذلك العالم أو قد نرى ببليوجرافيا لكتب في تخصص دقيق معين وهي تساعد المتخصص أو الطالب الذي يريد أن يتخصص في هذا العلم أن يعرف أسماء المراجع التي يجب أن يعود إليها في دراسته.

 

النوع الرابع هي كتب تعرض أهمية كتب أخرى ومن أمثلة ذلك الكتب الأجنبية التي عرضناها أعلاه، ما نستفيده من تلك النوعية من الكتب هي معرفة صفات الكتب العظيمة المؤثرة في هذا العالم ولماذا هي مؤثرة وقد يدفعنا ذلك إلى قراءة بعض الكتب التي هي من الكلاسيكيات بل وقد تدفعنا تلك الكتب إلى التفكر ولو قليلاً في كيفية تأثير الأفكار على العالم، إنظر مثلاً إلى كتاب "أفكار ضد الرصاص" للكاتب العظيم محمود عوض.

 

 

في النهاية نقول أن هذه النوعية من الكتب مفيدة إلا في حالة واحدة: أن تقرأها فقط لأنك لا تريد قراءة الكتب الأصلية وتريد فقط الطريق السهل وهو قراءة الملخصات كي تعيد ترتيدها أمام الناس لتظهر ثقافتك أو لتجتاز إمتحان بدرجة عالية ما هي إلا مقياس خاطئ لسعة علمك وثقافتك!

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved