آخر الكلام فى أخرق العام

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الإثنين 18 أكتوبر 2010 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

 لا أعرف كيف أغلق باب الجدل حول ترشيحات أخرق العام فى مصر، التى تحدثت عنها فى عامود الخميس الماضى 14/10.ذلك أن غاية ما أملكه أن أناشد القراء الذين أمطرونى برسائلهم وترشيحاتهم أن يقلبوا صفحة الموضوع إلى غيره من الملفات الأكثر أهمية فى حياتنا.

ولست أخفى أن الأصداء التى تلقيتها أدهشتنى من زاويتين، الأولى أننى وجدت أن ثمة إجماعا على أن كل واحد من النماذج الثلاثة التى أشرت إليها جدير حقا بالفوز بلقب «الأخرق»، وأن حظوظ الثلاثة تكاد تكون متساوية فى ذلك، حتى أن أحد القراء سألنى: هل لابد أن نختار واحدا فقط؟، ولماذا لا يكون هناك أخرق أول وثانٍ وثالث؟! من ناحية ثانية لاحظت أن عددا غير قليل من الرسائل أضاف أصحابها ترشيحات أخرى غير التى ذكرت، الأمر الذى جاء كاشفا عن أن لدينا وفرة من تلك النماذج، وأن صفة الأخرق تنطبق على كثيرين من العائمين على سطح الحياة العامة فى مصر.

وهؤلاء العائمون لا اعتبرهم شخصيات عامة، ولكن الأدق أنها شخصيات جرى «تعميمها»، بمعنى أنها لم تتقدم الصفوف بجهد بذلته أو مواهب تمتع بها أصحابها، ولكن أكثرهم فرض على الناس فرضا، إما بسلطة الإدارة أو بقوة الإعلام الموجه أو بقوة المال الذى بات يلعب دورا مهما فى المجال العام والحياة السياسية خصوصا فى مصر.

إذا سألتنى لماذا أطلب إغلاق الملف، فردى المباشر هو أن أغلب الأصداء التى تلقيتها مما يتعذر نشره أو التعقيب عليه. ذلك أننى حرصت على ذكر حالات وصفات ولم أذكر أسماء، ولكن كثيرين تورطوا فى ذكر الأسماء، وهو ما لم أرحب به، رغم اقتناعى بجدارة بعضهم بالانضمام إلى قائمة المرشحين للفوز باللقب.

على صعيد آخر فإننى لا أريد أن نستدرج إلى متاهة لا أحد يعلم آخرها، خصوصا أننى علمت أن الكلام الذى ننشره يخضع للفحص والتحليل والتأويل، وكثيرا ما لا يؤخذ بظاهره، ولكن تفترض فيه سوء النية، وأن هذه التحليلات تنقل إلى جهات عدة، وعلى ضوئها تتخذ بعض المواقف والقرارات.

وإذا كنت قد قلت ما عندى فى ترشيح الأخرق المنتظر، وحرصت على أن تكون النماذج التى عرضتها فى دائرة معينة، فإننى لا أريد أن أتحمل مسئولية ترشيحات آخرين، سواء كانوا خبثاء أو صرحاء بأكثر مما ينبغى.

بعض القراء سألونى: لماذا لا تعمم الفكرة وتختار أخرق العرب، بدلا من الاكتفاء بالأخرق فى مصر؟. وردى على السؤال أن الخرق ليس مقصورا على مصر بطبيعة الحال، لكنه منتشر أيضا فى العالم العربى. وأفضل أن يقوم أهل كل بلد بما عليهم فى هذا الصدد. ثم إننى لست مستعدا للخوض فى الأمور السياسية إلى هذا المدى. وهو محظور انتبهت إليه من فحوى الرسائل التى طرحت الفكرة ورشحت أسماء لا يختلف عليها عربيا.

وقد أدهشنى أن تلك الرسائل اتفقت على ترشيح اسمين أحدهما فى المغرب والثانى فى المشرق. وقد أورد بعض القراء قائمة بالحيثيات التى استندوا إليها فى ترشيحهم، ولا أخفى أننى وجدتها وجيهة ومقنعة للغاية، وأنه لو أن هناك معايير موضوعية ونزيهة لاختيار أخرق العرب لفاز أحدهما باللقب عن جدارة مستحقة.

رغم ذلك فلست مستعدا لفتح ذلك الباب، لأن النتائج مما لا تحمد عقباه ــ ولست فى ذلك قلقا من الثمن الذى يمكن أن يدفع لقاء المغامرة.

لأن التجربة علمتنى أن المرء فى بلادنا لا يستطيع أن ينحاز إلى موقف مستقل أو نزيه، ناهيك عن أن يكون معارضا، دون أن يدفع ثمنا لقاء ذلك وهو ما حدث معى ومع غيرى.

لكننى وجدت أن القضية ذاتها لا تستحق أن يدفع فيها ثمن، خصوصا أننا نتحدث عن مسألة رمزية، تبدو عابثة فى ظاهرها، لكنها تسلط الضوء على بعض أوجه الواقع المحزن فى بلادنا.

إن شئت فقل إنها من قبيل الهزل المر أو سخرية الجريح. لكل ذلك أرجو أن تكون هذه الملاحظات هى آخر الكلام فى مسألة أخرق العام، حتى إشعار آخر على الأقل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved