الدستور فيه سم قاتل

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 18 أكتوبر 2012 - 9:50 ص بتوقيت القاهرة

قراءة المسودة الأولية للدستور الجديد تكشف عن وجود مجموعة من الألغام القادرة على نسف كل أحلام الديمقراطية التى حلقت فى سماء مصر بعد ثورة 25 يناير لكى تقيم مكانها نظاما استبداديا جديدا.

 

فالمادة 145 تعطى رئيس الجمهورية حق تعيين رئيس الحكومة دون التقييد بأن يكون من الحزب صاحب الأغلبية فى البرلمان وإذا تعارضت رغبة البرلمان المنتخب مع رغبة الرئيس يتم حل البرلمان وهو ما يعنى أن النواب سيجدون أنفسهم فى نهاية المطاف مضطرين للرضوخ لاختيار رئيس الجمهورية خوفا من الحل.

 

المادة 149 تقول «یعین رئیس الجمهوریة الموظفین العسكریین ویعزلهم» دون أى ضوابط تتعلق بالأقدمية والتدرج الطبيعى للقادة كما هو الحال فى الكثير من الدول الديمقراطية لضمان قدر أكبر من استقلالية المؤسسة العسكرية عن الصراعات السياسية. فاحتكار الرئيس لسلطة تعيين وعزل الموظفين العسكريين تجعل المؤسسة العسكرية رهينة لرغبات الرئيس.

 

المادة 129 تعطى رئيس الجمهورية الدعوة إلى الاستفتاء على حل البرلمان ولكنها لا تلزمه بالاستقالة فى حالة رفض الشعب للحل باعتبار ذلك الرفض سحبا للثقة من الرئيس وهو ما يعطى لرئيس الجمهورية سيفا يسلطه دائما على رقبة النواب دون أن يكون هناك ما يردعه عن إساءة استغلال هذا الحق..

 

المادتين 136 و163 تفتحان الباب أمام مزدوجى الجنسية لتولى رئاسة البلاد دون قيود لأن الأولى تقول «یشترط فیمن یترشح رئیسا للجمهوریة أن یكون مصریا من أبوین مصریین» فى حين أن الثانية تقول «یشترط فیمن یعین رئیسا للوزراء، أو عضوا بالحكومة، أن یكون مصریا غیر حامل لجنسیة دولة أخرى» وهو ما يعنى أن الصمت فى الأولى يعنى السماح لحامل غير الجنسية المصرية بالترشح للرئاسة.

 

المادة 176 التى تفتح الباب أمام استمرار ندب القضاة للعمل فى مؤسسات الحكومة المختلفة وهو باب كبير لإفساد القضاء والتأثير على القضاة «بذهب المعز» لأن الانتداب دون النص على استمرار حصول القاضى المنتدب على راتبه القضائى فقط ومن ميزانية القضاء يعنى تعريض القضاة لإغراءات المكاسب المالية التى يحصلون عليها عند الانتداب.

 

إن هذه المواد رغم قلة عددها مقارنة بالعدد الإجمالى لمواد الدستور البالغ 231 مادة تمثل خطرا كبيرا يجب تفاديه حتى لا يتحول دستور الثورة إلى سم يقتل الأمل فى حياة ديمقراطية سليمة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved