رأيت فيما يرى النائم

داليا شمس
داليا شمس

آخر تحديث: السبت 19 نوفمبر 2011 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

مجرد مشاهد عادى، قرر أن يمضى أمسية عادية أمام شاشة التليفزيون، متنقلا بين المحطات وبالتالى حتما بين برامج «التوك شو» التى يغلب عليها الطابع السياسى نظرا للأحداث. وإمعانا فى متابعة حصيلة اليوم وحتى لا تفوته فائتة قد يضع جهاز «اللاب توب» الخاص به على رجليه لقراءة آخر ما ورد على تويتر أو فيسبوك بشكل عادى... مشهد متكرر حل فيه «التوك شو» السياسى محل المسلسل العربى، سواء كان مصريا أو سوريا، الأمر لا يختلف كثيرا فسيناريوهات المنطقة متشابهة، فى وقت أصبح النموذج (عفوا المسلسل) التركى هو الأمثل!

 

تمتزج السياسة بالثقافة فى إطار ترفيهى أحيانا، بعكس البرامج السياسية المتخصصة، وبالتالى يختلف أداء رجال السياسة وأسلوبهم فى التعبير.. الشهرة والخبر يلتقيان، فنحن على موعد مع النجومية وأهم الأنباء. ندخل من مشكلة لأخرى حتى ساعات متأخرة من الليل: قطع طرق وانتخابات وإضرابات ومحاكمات ومظاهرات وبلطجية أو شبيحة تبعا للبلد وانقسامات فى صفوف القوى السياسية والمعارضة هنا وهناك ومزيد من العنف.. والنتيجة حالة من الأرق يجافينا فيها النوم، تفوق بكثير ما قد تتسبب فيه «حكايات» ألفريد هتشكوك «التى لا يجب قراءتها ليلا»، كما يشير عنوان مجموعة النصوص التشويقية التى كتبها المخرج والسيناريست الإنجليزى المعروف ما بين الثلاثينيات والستينيات، فقصص «التوك شو» مفزعة وحقيقية فى آن لأنها تدور فى إطار حياتنا اليومية أو فى إطار مماثل، نعيش الموقف ونتوحد مع شخوصها ونخاف.. فلا يوجد إنذار مسبق كالذى يظهر فى بداية أفلام الرعب والتشويق ليحذر أصحاب القلوب الضعيفة.

 

قد يكون آخر من تراه قبل النوم رجلا ملتحيا وكأنه قد خرج لتوه من كهوف وجبال أفغانستان، لم تلمح اسمه المكتوب على الشاشة بسرعة، لكنك تتذكر جيدا أن فحوى ما قاله تفيد بأن بعض دول الربيع العربى، على ما يبدو، قد اختارت أن يكون مستقبلها هو ماضيها أو بالأحرى ماضى شبه الجزيرة... كنت ضمن المشاهدين، ولم تفلح التطمينات الملحة فى اجتذاب النعاس رغم مرور الساعات، ومع نوم خفيف وقلق حلمت بسعد زغلول يقول: «أنا لست رئيس حزب ولكن وكيل أمة»، ويتحدث عن الديمقراطية والدستور والحرية والعدالة... وقف، فى المنام، وسط ضريحه الحالى الذى شيد على الطراز الفرعونى دون أى إشارات أو تصميمات دينية لأنه كان زعيما للأمة بكل عناصرها، أزهرى درس القانون فى باريس وجمع العديد من التناقضات.

 

هل الزيارة فى المنام جاءت بمناسبة عيد الجهاد الوطنى الموافق 13 نوفمبر؟ (أى تاريخ توجه سعد على رأس وفد إلى المعتمد البريطانى عام 1918 للمطالبة بالذهاب إلى مؤتمر السلام بباريس وطرح الحق المصرى فى تحقيق المصير)، أم تخاريف أحلام؟ فجأة استيقظت على صرخة سعد الخالدة التى أطلقها عند سماعه بقصف الفرنسيين لدمشق عام 1925، مناديا بضرورة توطيد العلاقات مع بلاد الشام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved