لماذا يخشون الإبداع وأهله؟

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 18 ديسمبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

تأتى حادثة الاعتداء على المخرج خالد يوسف ممن يتجمهرون أمام مدينة الإنتاج الإعلامى لتضع مؤشرا خطيرا وهو تجاوز مسألة ترهيب وتخويف المبدعين من مجرد تصريحات إلى فعل على أرض الواقع، فقد انقضوا عليه ليكون عبرة لغيره ممن يدلون بآرائهم وشهاداتهم المعارضة لبعض السياسات والأحداث التى تجرى على أرض الوطن وتحدد مصيره، وفى مقدمتها الدستور الجديد.

 

ويبدو احتمال تكرار هذا الحادث قويا، مع إصرار أنصار الاعتداء على سياسة تهديد المبدعين، بل والتحريض على إيذائهم بعد وصفهم بأبشع الأوصاف.

 

السؤال الذى يبدو منطقيا: هل سيتحقق الاستقرار المراد الذى يحقق مصلحة تلك الفئة الحاكمة ـ التى اتهمها خالد يوسف وقدم بلاغا ضدها ـ بمحاولات الاعتداء الجسدى وخرس ألسنة المعارضة، وتشويه السمعة، وقذف المحصنات؟!.. بالقطع لا، فصوت الحرية هو ما يبقى وصوت الحقيقة هو الأعلى، حتى لو كان مجرد أنين. وكما قالت شريهان: «لن تستطيعوا قتل أو ذبح أو خنق صوت خالد يوسف وغيره من أصحاب قضية أسسها المواطن المصرى.. ما تفعلونه يزيدهم إصرارا وصمودا، لن يرهبهم حصار أو سلاح أو سلطة زائفة.. فصوتهم صوت ضمير».

 

وحسنا فعلت جبهة إنقاذ الإبداع فى بيانها عندما أهابت بكل أعضائها من جميع مكونات الحياة الإبداعية (قوة مصر الناعمة) بألا ترهبهم مثل هذه الأفعال والاجراءات أو تحول دون أن يظل صاحب الرأى فى مصر قادرا على إيصال رأيه والتعبير عنه دون أن يرهبه أحد أو سلطة.

 

واقع الأمر أن هناك كثيرا من الرؤى طرحتها الأعمال الفنية وكانت بمثابة شهادات تاريخية واجتماعية عظيمة فى صدقها وواقعيتها وصورتها، ويصل درجة تأثيرها على الجمهور بأنها تحرضه على عدم الاستسلام لمن يتلاعب بمصيره وحياته ومستقبله، سواء كان مصدر التلاعب هذا شخص أم قانون.. فرد أم جماعة.

 

على المبدعين والفنانين مواصلة طرح هذه الرؤى فى أعمالهم الجديدة دون الخوف من شىء، فالصورة أقوى من الكلمة وستتعاقب على مشاهدتها الأجيال، حتى إذا حاولت الجهات المناهضة لحرية الإبداع منع عرض تلك الأعمال فى الوسائل المألوفة، فهناك وسائل أخرى متعددة بفضل تطور وسائل البث الحديثة، وستصل إلى الجمهور ولن يستطيع أحد اعتراض طريقها للمشاهد.

 

وأعود لأسأل: لماذا يخشى هؤلاء الذين ينتمون لفئة الهجوم على خالد يوسف من المبدعين؟؟.. عليهم أن يعوا أن تأثير الإبداع سيبقى هو الأطول عمرا من تأثير لغة خطاب التهديد والوعيد حتى لو كان مدعوما بستار دينى.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved