عشاق تحت العشرين

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 18 ديسمبر 2020 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

يقع هذا الفيلم فى منتصف المسافة الزمنية بين فيلمين يمثلان ظاهرة، الأول هو «قصة حب» اخراج أرثر هيللر عام 1970, والثانى هو «الحب فوق هضبة الهرم» لعاطف الطيب 1986، الفيلم الأول قصة بالغة البساطة كتبها اريك سيجال، الاستاذ الجامعى عن عاشقين فى الجامعة يملآن الدنيا بالرومانسية والفرحة، يتزوجان ويعيشان سعيدين رغم موقف اسرة الشاب، وقد ملأ الفيلم حياتنا شجنًا وموسيقى لا تزال تشجينا حتى الآن، وضعها فرنسيس لاى، وقد ترك الفيلم تأثيره الشديد، والعاشق يودع زوجته جينى فى المستشفى، ويغادره ليلقى أباه عتد البوابة ويقول له: الحب لا يعرف الأسف، ثم يذهب للجلوس على مقعد الحديقة الذى كانا يجلسان فوقه، إنها نهاية تذكرنا بوداع هنرى لزوجته كاترين فى فيلم «وداعًا للسلاح» مع فارق واحد أن أوليفر كان لديه أب، أما هنرى فرجل عسكرى هارب من الحرب.
فيلم «قصة حب» ترك فينا أشجانا، لم نعرفها فى مئات الأفلام الشبابية العاطفية التى تم انتاجها محاولة لاستغلال نجاحه، ومن بينها الجزء الثانى «قصة أوليفر»، وأيضا فى الفيلم المصرى «قصة حب» إخراج عثمان أبولبن 2019، ومن بطولة ممثلة لا تقل سحرا عن آلى ماكجرو هى هناء الزاهد.
أما فيلم «الحب فوق هضبة الهرم»، فإن الظروف الاجتماعية جعلت مصير العاشقين داخل عربة ترحيلات الشرطة وسط الخارجين عن القانون عقابا لأنهما تلامسا عند صفحة الهرم، رغم أنهما متزوجان، وقد جاءت لنهاية مفتوحة دون أن نعرف ما سوف يلحق بهما، رغم ان لكل منهما عائلة بأفرادها.
هذا المصير الغامض لعاشقين تزوجا فى تلك الفترة وقعا فى متاعب، مثل على وحبيبته، رأينا تفاصيل له فى «عشاق تحت العشرين» إخراج بركات 1979، واحد من أساطين صناعة الأفلام الرومانسية، فالأهل هنا صاروا وبالا على قصة العشق التى ربطت بين طالبة المدرسة الثانوية، وزميل يدرس فى كلية الهندسة، وبكل بساطة فإن الأب الرافض لهذه الزيجة قام بالابلاغ عن ابنته وزوجها وهربا فى دروب المدينة، وعاشا فى حالة ترقب، حتى لا يتم القبض عليهما، إلى أن تمكنت الشرطة منهما وبدأت المحاكمة.
هكذا كان الحب فى منتصف السبعينيات، وكما نرى فإن الحب هنا متشابه، يعيشه شباب فى مقتبل العمر، كل من العاشقين متمسك بالآخر، وسوف يبقى معه، الا فى الفيلم الأمريكى حيث سيكون المرض القاتل، والموت سببا للفراق، وفى الجزء الثانى من الفيلم فإن أوليفر لم يتحمل أن يعيش حبا جديدا مع امرأة اخرى غير جينفر، حتى وإن كانت كانديس بيرجن.
الغريب فى فيلمنا أنه يتحدث عن قصة حب بين عائلتين متقاربتين اجتماعيا، فالشاب فى الشهور الأخيرة من دراسة الهندسة، ورغم ذلك فإن الأب يرفضه، وكل ما يفعله الاثنان أن يتزوجا بعيدا عن طاعة الاسرة، وتأتى المتاعب فى الفيلمين المصريين من أسرة الفتاة، خاصة الأب الذى تربى فى ظروف صارمة، أما أم الشاب فهى راضخة تقبل مصير ابنها الوحيد مغلوبة على أمرها.
كما أشرنا، فإن تكملة حكاية افتراضية لفيلم «الحب فوق هضبة الهرم» تتمثل في «عشاق تحت العشرين» فطالما أن أمور العشق وصلت إلى الشرطة فإن القانون سيأخذ مجراه، ولعل على سيهرب للسكن مع زوجته فى عوامة، فالحب هنا محاط بمخاطر الفقر والعوز؛ حيث رأينا العاشق يضطر للعمل كملاحظ عمال من أجل تدبير الحياة، وسط تمسك البنت بحبيبها ووقوفها إلى جواره، وهنا تأتى أفضل المعانى.
نحن أمام الجميلة يسرا فى بداياتها، وكانت بمثابة سندريلا السينما المغلوبة على أمرها فى العديد من الأفلام تتلقى الصدمات العاطفية وتظل شامخة فى افلام منها: «فتاة تبحث عن الحب»، و«الإنسان يعيش مرة واحدة».
التجربة تختلف هنا، فى الإضافات؛ حيث يبدأ الفيلم بثلاث ثنائيات من العشاق الشباب، يلتقون معا كل يوم خميس، ثم ينفرد الفيلم بحكاية عادل الطالب الذى يرغب فى الزواج من سوسن الطالبة التى لم تبلغ سن لرشد بعد، وما يلبث الفيلم التركيز على قصتهما باعتبار أن الباقين سيكرسون جهودهم لتعضيد الحبيبين فى حياتهما التى اختاراها، وكأنما القصص الأخرى مفتوحة الطريق بلا مشاكل، باعتبار أن الأبوين الآخرين يختلفان عن والد سوسن، فأبوها رجل رجعى يمكنه أن يتقبل أمورا كثيرة على أى فتاة الا ابنته، ويطرد عادل وصديقه عندما يذهبان لخطبة سوسن، فتاة السبعينيات هنا تقرر الخروج عن طاعة ابيها فى رفضه الأول، والهروب من البيت، ويقيم لها الزملاء حفلا بسيطا وتذهب للعيش مع حبيبها، حتى لو ناما فوق الرصيف انه الحب، هى ابنة عصرها فى موقفها، وتبرير الاسرة ان الاب يعرف مصلحة ابنته، وسوف يختار العريس المناسب فى وقته، وتتصاعد المواجهات، إلى أن يذهب الاب بابنته وزوجها إلى المحاكم، وهو أمر لم يحدث لبقية الشلة باعتبار أننا أمام قصة واحدة أساسية، يعنى هذا أن الحب متشابه والظروف الاجتماعية تختلف، لكن الفقر ليس هو العائق هنا مثلما سنرى عند عاطف الطيب، وسوف تبقى الأمور أيضا ثابتة فى الفيلم الذى تم إنتاجه عام 2019.
الفيلم يقدم وجهات النظر جميعها فى سوسن التي تهرب من أبيها مرتين، والأب العصرى المرموق الرجعى يسأل أبًا آخر ماذا يفعل لو كان مكانه، ويتصرف الأب برجعية شديدة رغم كل ما حصل عليه من مكانة وتعليم، والغريب أن كل ما رأيناه يدور فى بيئة تلقى أبناؤها التعليم الرسمى العالى، وعشاق الفيلم هنا تحت العشرين، والمقصود بها سوسن، سوف تبلغ سن الرشد بعد أربعة أشهر من عقد القران، وهى الفكرة التى عليها موضوع الفيلم الأمريكى «أصدقاء» 1971 الذى تم إنتاجه تيمنًا بنجاح فيلم «قصة حب»، وهى الفكرة التى تبدو واضحة امام قاض قبل أن ينطق بالحكم، فهو يؤجل الحكم حتى تاريخ تصل فيه سوسن إلى السن القانونية.
بطلا هذا الفيلم عملا معا كثيرا فيما بعد، ويمكن القول إنهما هنا كانا مجرد ممثلين جديدين نضجا مع السنوات، وصنع كل منهما لنفسه تاريخا فى التمثيل وهما فوق العشرين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved