اللقاح المُر

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 18 ديسمبر 2020 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

يثار حاليا جدل كبير بين فريقين، الأول مقتنع بأنه من الأفضل تناول اللقاح المضاد لفيروس كورونا، حتى يتم محاصرة هذا الفيروس اللعين، بينما يعتقد الفريق الآخر أنه يجب الانتظار بعض الوقت لمعرفة المضاعفات والآثار الجانبية له على من امتلك الشجاعة وتناوله.
هذا الجدل الذى يطل برأسه على المشهد، لم يعد محورا للنقاش بين المواطنين العاديين فقط، بل امتد إلى الأطباء والعاملين فى المجال الصحى، خصوصا بعد بدء العديد من الدول حملات واسعة لتطعيم مواطنيها باللقاحات التى تم إنتاجها خلال الفترة الأخيرة، سواء فى الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا.
وإذا كان هناك من يعتقد أن «اختلاف علماء الدين رحمة للناس»، فإنه من الضرورى أن يكون اختلاف الأطباء والمتخصصين فى المجال الطبى تبصرة وتنويرا لا غنى عنه للبشرية، من أجل الوصول إلى الحقائق العلمية غير القابلة للتشكيك بشأن أى لقاح جديد لفيروس كوفيدــ١٩.
وحتى هذه اللحظة، لا يزال هناك انقسام كبير فى الرأى بين الأطباء حول أخذ اللقاح المضاد لكورونا من عدمه، وهذا الانقسام لا يقتصر على نوع محدد من اللقاحات، مثل اللقاح الصينى على سبيل المثال، وإنما يمتد إلى جميع اللقاحات الأمريكية والأوروبية الأخرى.
الدكتور حرب عطا الهرفى، أحد أبرز الأطباء السعوديين فى مجال الحساسية والمناعة، والذى اعتمدت بلاده اللقاح الأمريكى من إنتاج «فايزرــ بيونتيك»، كتب على حسابه على موقع «تويتر» قائلا: «يسألنى بعض مراجعى عيادات المركز الوطنى للحساسية والربو والمناعة: هل ستأخذ تطعيم كورونا؟ كانت إجاباتى بـ «لا».. وعندما يسألون عن السبب.أقول إن التطعيم حديث العهد وحضر على عجل لأسباب اقتصادية وسياسية، ولا نعرف ما هى المضاعفات على المدى البعيد. هذا رأيى وللناس آراء أخرى».
فى المقابل، يقول الدكتور أسامة عبدالحى أمين عام نقابة أطباء مصر، إن اللقاح الصينى ضد فيروس كورونا المستجد، الذى حصلت عليه مصر مؤخرا، ليس هناك غبار على استعماله من الناحية العلمية، كما أن له درجة أمان عالية، مشيرا إلى أن هذا رأيه الشخصى، بعد التباحث مع المتخصصين وأساتذة الصدرية، حول أنواع اللقاحات الموجودة حاليا، سواء الصينى أو الأمريكى.
هذا الاختلاف بين الأطباء والمتخصصين، ليس فى مصر أو المنطقة العربية فقط، بل فى جميع أنحاء العالم، هو ما يسبب ارتباكا كبيرا وحالة من القلق المشروع لدى قطاعات واسعة من الناس، الأمر الذى يجعل هذه اللقاحات الجديدة بمختلف أنواعها بمثابة الدواء المر، سواء لمن اتخذ قرارا بتناولها، أو من قرر الامتناع عن التطعيم بها حتى تتضح له الصورة كاملة بجميع أبعادها.
أمام هذا الوضع، فإن محاولة أى دولة إقناع جميع مواطنيها بتناول اللقاح لن تكون مثمرة، وستبقى هناك فئات كبيرة متمسكة بموقفها الرافض لاستخدامه، ولن تنفع الحملات الإعلامية المؤيدة للتطعيم أو خطب المساجد وعظات الكنائس، فى تغيير وجهة نظر البعض حتى يتفق المجتمع الطبى والعلماء فى هذا المجال على عدم وجود آثار جانبية لهذه اللقاحات الموجودة حاليا.
معنى ذلك أن الفيروس سيواصل انتشاره بقوة خلال فترة الشتاء الحالية، وبالتالى فإن الوسيلة الوحيدة للحد من سرعته، هى اتباع إرشادات منظمة الصحة العالمية، التى تنص على «غسل اليدين، وارتداء القناع، والتباعد الجسدى، وتجنب الأماكن المزدحمة».
ليس هذا فحسب، بل يجب العمل على معاقبة من لا يلتزم بالإجراءات الاحترازية، حتى لا يحدث ضغط هائل على المنظومة الطبية فى بلادنا، ويتسبب ذلك فى حدوث انتكاسة لها كما حدث فى بعض الدول الأوروبية العام الماضى، عندما لم يجد المصابون بالفيروس مكانا فى غرف الرعاية المركزة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved