أجندة لتحسين وضع الاقتصاد

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 19 يناير 2023 - 7:30 م بتوقيت القاهرة

الأزمة التى مرت بها البلاد فى الأيام الماضية كانت من أصعب الأزمات التى مرت على مصر منذ 30 يونيو 2013. صحيح أن البلاد قد مرت بمشكلات كثيرة بسبب تهديد الأمن والاستقرار على يد الإخوان فى الأيام التى تلت 30 يونيو، لكن المشكلة الاقتصادية التى ما زالت رحاها تدور حتى اليوم، هى الأشد وطأة والأكثر صعوبة.
ارتفاع الأسعار بشكل جنونى، بسبب أزمة سوق الصرف، وارتفاع قيمة الدين الداخلى والخارجى إلى حد 8914 مليار جنيه، منها 155.7 مليار دولار دينا خارجيا، وبالتبيعة ارتفاع خدمة الدين الخارجى إلى الحد الذى جعله يحتل المرتبة الأولى فى موازنة الدولة 22/2023 بنسبة نفقات 33.3% من نفقات الموازنة، وبقاء حساب الحد الأدنى للأجور مرتبطا بالأجر الإجمالى والعلاوات وليس بالأجر الأساسى، وارتفاع حد التضخم إلى 21%، وعجز الميزان التجارى.. إلخ. كل ما سبق أن أدى إلى حدوث المشكلة التى نعيشها اليوم.
آخر بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تشير إلى أن نسبة الفقر فى بحث الدخل والإنفاق لعام 19/2020 هى 29.7%، وزيادة الفقر المدقع إلى 6%. اليوم وبعد انخفاض قيمة الجنيه لأكثر من النصف، وزيادة عدد السكان، يعتقد أن تلك النسبة قد تصل إلى ما فوق الـ35%، وأن الفقر المدقع على أعتاب الـ 10%. ورغم أن مشروعات رفع العبء عن كاهل الفقراء تسير بوتيرة كبيرة، فى مشروعات مثل حياة كريمة وتكافل وكرامة، إلا أن الإنفاق على الدعم المباشر قد انخفض من 5.1% من نفقات موازنة 15/2016 إلى 1.6% فى الموازنة الراهنة.
هنا تطرح الدولة ويطرح الكثيرون حلولا للأزمة. بداية كان قرار وقف المشروعات التى لم تبدأ والتى تحتاج إلى مخصصات بالعملة الأجنبية أمرا مهما، بل لا نبالغ القول إنه تأخر.
يكتمل هذا الإجراء بإعادة تقييم المشروعات التى تنفذ والتى يخطط لها، بحيث يؤجل غير العاجل والمكلف منها (26.5 مليار دولار بنسبة 17% من حجم الدين الخارجى حاليا، هى تكلفة بعض وليس مجمل خطوط المونوريل والقطار الكهربى حسب الأهرام 29/11/2022، واليوم السابع 30/10/2021).
فى هذا المضمار لا يجد المرء مجالا إلا أن يشيد بقرار الدولة أول أمس برفع سعر توريد القمح من الفلاح إلى 1200 جنيه للإردب للعام الزراعى الحالى (7.7 جنيه للكيلو)، رغم كون هذا القرار يعد رفعا محدودا بسبب الشراء من الفلاح الروسى والأوكرانى بما يعادل 330 دولارا للطن (10 جنيهات للكيلو) أى بأكثر من 30% من السعر المحلى بعد الزيادة.
الأمر الثانى والمهم هو إعادة الاعتبار للصادرات المصرية، إذ إن الشاهد أن البلدان التى تمتلك ميزانا تجاريا يتسم بالفائض أو التوازن هى من تستقر عملته المحلية، حتى لو كان مصدّرا لمواد أولية غير مصنعة. فما بالك ولدينا مصانع حلج وغزل لا يضاهى لها مثيل فى العالم، ولدينا مادة خام من أجود أصناف القطن. يرتبط بذلك العمل على إعادة المصانع المغلقة، بعد تذليل أسباب إغلاقها، خاصة تلك التى كانت تصدر منتجاتها.
الأمر الآخر، هو أنه طالما أن العلاقات التجارية بين مصر والولايات المتحدة ليست هى الأميز، فإن ارتباط الجنيه بسلة عملات أجنبية هو الأكثر نجاعة، بحيث تقل معه تعرض قيمة الجنيه للاهتزاز الدائم.
إضافة إلى ذلك، من المهم الحد من الاقتراض الخارجى، خاصة بعد أن أصبح على عتبة الأمان الدولى (حد الأمان هو أن تكون أسعار الفائدة أقل من معدل نمو الناتج المحلى)، والاستعانة به وفقط فى حالة الضرورة القصوى، والوصول إلى أفضل الشروط للحصول عليه، حتى يكون إرهاق الدين للموازنة العامة فى أقل درجاته، وحتى لا يتحمل جيل الغد تبعات وطأته.
أيضا الحد من الإنفاق الحكومى الترفى، من خلال إعداد خطط رئاسية ووزارية تتضمن وسائل ضغط الإنفاق لتلك الهيئات التنفيذية والمؤسسات التى تشرف عليها، وعلى رأس ذلك الحد من المؤتمرات شبه اليومية، وضغط قنوات ماسبيرو، وإجبار وزارة التعليم لمؤسسات التعليم الأجنبى على عدم تحصيل المصروفات بالعملات الأجنبية، وتخفيض العدد المرتفع للبعثات الدبلوماسية، وعدم استثناء أعضائها من الحد الأقصى للدخل. وتشجيع وزارة الزراعة الفلاحين لزراعة السلع التى تستنزف موارد العملة، بدلا من دعم الفلاح الروسى والأوكرانى بشراء القمح بأسعار أغلى من سعر توريد الفلاح للقمح المحلى.
كذلك إعادة التفكير فى أساليب التعامل مع طبقات المجتمع المختلفة، فضريبيا من المهم رفع حصيلة الضرائب بصدور تشريعات تتعلق بالأرباح الرأسمالية لرجال الأعمال، وهم أكثر الفئات التى دائما ما تقاوم السياسة الضريبية، التى يتحمل عبئها بالأساس الطبقتان المنحفضة والمتوسطة. وكذلك تحصيل الضرائب من جميع الجهات التابعة للدولة والتى تعمل فى الأنشطة الاقتصادية، أسوة بالقطاع الخاص.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved