ألمانيا والولايات المتحدة يفوتهما قطار استثمارات البنية التحتية

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الخميس 19 فبراير 2015 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

نشرت منظمة صندوق مارشال الألمانى للولايات المتحدة الأمريكية مقالا لباتريك ستاروداج، منسق برنامج السياسة الإقليمية بمقر المنظمة فى واشنطن، حول التأخر الألمانى والأمريكى عن تحديثهما للبنية التحتية والاستثمار فيها، وهو ما يتزامن مع الصعود الاقتصادى الصعب بسبب ما يمر به الاتحاد الأوروبى بالنسبة لألمانيا والولايات المتحدة من أزمة اقتصادية.

يشير ستاروداج إلى مقال وصفه بالـ"مستفز"، نُشر أخيرا فى المجلة الألمانية "دير شبيجل" تحت عنوان "ألمانيا تنهار". انتقد المقال موضوع البنية التحتية لدولة ألمانيا.

ويبين ستاروداج أنه حتى مع ما يبدو عليه الاقتصاد الأمريكى من نمو بقوة لأول مرة خلال سبع سنوات، وبينما يتقدم الاقتصاد الألمانى بصعوبة، قبل القادة السياسيون فى البلدين على مضض تخفيض استثمارات البنية التحتية وتأجيل تكاليف الصيانة المتزايدة.


مازال هذا الاتجاه قائما على الرغم من الاتفاق المتزايد فى البلدين على ضرورة زيادة استثمارات البنية التحتية. وفى ألمانيا، ضغطت الولايات ومجتمع الأعمال على المستشارة أنجيلا ميركل لزيادة إنفاق البنية التحتية، ذلك أن اقتصاد هذا البلد بدأ يتباطأ فى عام 2014. وألمحت حكومتها إلى أنه يمكن أن يكون هناك استثمار إضافى فى الأفق.

وعلى الرغم من ذلك مازالت حكومة ميركل تعطى أولوية لموازنة الميزانية القومية بشأن زيادة استثمار البنية التحتية.
أما الولايات المتحدة، فيوضح ستاروداج أن كثيرا ما ناشدت غرفة التجارة الأمريكية وحكام الولايات الحكومة الفيدرالية الموافقة على مشروع قانون إنفاق البنية التحتية. بل علَّق الرئيس باراك أوباما لمجموعة من قادة الأعمال بأن البنية التحتية للبلاد "محرجة"، على الرغم من إشارته بحرص إلى صعوبة تأمين الإنفاق الإضافى.

وكرر هذه الرسالة مرة أخرى أثناء إلقائه خطاب الاتحاد معلنا الحاجة إلى "موانئ حديثة وجسور أقوى وقطارات أسرع وانترنت أسرع ما يكون"، ومقترحا خطة بنية تحتية يشترك فيها الحزبان الجمهورى والديمقراطى "قد تجعل الولايات المتحدة أقوى لعقود مقبلة". ومع ذلك ظل أوباما كذلك حريصا بشأن زيادة الدخل من موارد مثل ضرائب الغاز الفيدرالية والتى فشلت فى تأمين الموارد المالية من الكونجرس المتردد على النحو نفسه.

وكما أوضح أوباما بحق فى خطاب الاتحاد أنه من الممكن تعزيز استثمار البنية التحتية للقدرة الإنتاجية وتقليل تكاليف الأعمال ومخرجاتها الاقتصادية، حيث إن الطرق السيئة، وأنظمة السكك الحديدية المثقلة، والجسور الشائخة تقلل توقعات النمو المستقبلية وتضيف تكاليف كبيرة إلى الأعمال والسكان.

ويبين ستاروداج أن تقريرا حديثا لصندوق النقد الدولى قد أبرز الولايات المتحدة وألمانيا باعتبارهما متباطئتين فى استثمار بنيتهما التحتية، على الرغم من المكاسب الاقتصادية طويلة المدى من الاستثمار العام وتكاليف الاقتراح المنخفض على نحو تاريخى فى الوقت الراهن.

وبلغة الأرقام يبين ستاروداج هبوط إنفاق البنية التحتية الفيدرالى بشكل قياسى، من ما يزيد كثيرا على 3 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى فى أوائل السبعينيات إلى ما دون 2 بالمائة فى الولايات المتحدة وألمانيا. وتنشر الجمعية الأمريكية للهندسة المدنية أرقام فجوة إنفاق البنية التحتية السونوية التى تزيد على 100 مليار دولار فى العام فى الولايات المتحدة لصيانة الطرق الرئيسية القائمة بالفعل. ونتيجة لذلك، 32 بالمائة من الطرق فى الولايات المتحدة إما فى حالة سيئة أو حالة متوسطة. وفى ألمانيا 40 بالمائة من كل الجسور يُقال إنها فى حالة "حرجة".

لكن الأمر سيحتاج إلى ما هو أكثر من المال لحل هذه المشكلة. فهذه الأزمة تتطلب حلولا أكثر مرونة وقيادة ذات رؤية. وهى تتطلب تفكيرا مبدعا بشأن أين وكيف نجعل استثماراتنا من أجل المنفعة العامة، وكيف يُحتمل تعديل البنية التحتية الحالية كى تتوافق مع الأهداف المجتمعية المتعددة.

وقد تشمل المشروعات صغيرة الحجم على مستوى الإحياء التى تشمل المواطنين، وليس المشروعات كبيرة الحجم التى يمكن أن تبهر فى البداية لكنها معرضة لتجاوزات التكلفة والتأخير لفترات طويلة، وهو ما تعرف عنه المانيا الكثير.

ويرى ستاروداج أنه بالإضافة إلى استثمارات البناء فى الولايات المتحدة وألمانيا التى يجب عملها، ينبغى على البلدين كذلك الاهتمام باستثمارات البنية التحتية كأداة لتحقيق الأهداف الاجتماعية أو الاقتصادية طويلة المدى.

وسوف يتطلب هذا التطلع للأمام وبناء الأنظمة التى سوف تكون مرنة ومناسبة لمقتضى الحال بعد 10 إلى 50 عاما، حيث تلبى التحديات البيئية والسكانية التى نعرف أنها تقترب بسرعة. وفى هذه الرؤية الأكثر اتساعا، يعنى استثمار البنية التحتية الاستثمار فى كفاءة الطاقة، وأنظمة الطاقة المتجددة، والمدارس الأقل ازدحاما، وأنظمة النقل التى تلبى احتياجات السكان الشائخين، والمتنزهات الأفضل فى العالم، والإنترنت ذو السرعات العالية.

وفى النهاية يعتقد ستاروداج أن استثمار البنية التحتية ضرورة لكل من الولايات المتحدة وأوروبا. وبالقدر نفسه من الأهمية، لابد من ربط هذا الاستثمار بوعى ورؤية أكبر لنوع المجتمعات الذى تريد ألمانيا والولايات المتحدة أن تكونه. وحينذاك فقط توفر البنية التحتية التى يجرى صنعها الآن رخاء ملموسا فى المستقبل. ومن المحتمل أن تحرك هذا الرؤية الساسة المترددين كى يقدموا تعهدات مالية جادة هناك حاجة شديدة إليها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved