نهاية قصة

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 19 فبراير 2021 - 6:35 م بتوقيت القاهرة

لعب المسرح دورا بارزا فى سنوات الأربعينيات والخمسينيات فى السينما المصرية ووضع الكتاب عيونهم على المسرحيات الكوميدية الفرنسية المكتوبة فى القرون السابقة التى تدور أحداثها حول مقالب العشاق وقد تنافس فى هذا الامر كل من بديع خيرى وأبو السعود الإبيارى الذى كان فى احسن حالاته ككاتب مع المخرج حلمى رفله الذى كون تجمعات سنيمائية صغيرة من فيلم إلى آخر، خاصة محمد فوزى ومديحة يسرى وإسماعيل يس الذين اجتمعوا فى أفلام غنائية مثل «فاطمه وماريكا وراشيل»، و«من اين لك هذا»، اما فيلم «نهاية قصة»، فرغم أنه غنائى إلا أن على الزرقانى ككاتب لهذا الفيلم تأثر كثيرا بأسلوب أبوالسعود الإبيارى؛ حيث كتب فيلما تتضح فيه جميع السمات المسرحية الصالحة كى تكون فيلما، خاصة فى فتره ازدهار السينما الاستعراضية، حيث يغنى محمد فوزى واسماعيل يس. القصة بالغه البساطة حول العجلاتى الذى يحب كتابة القصص ويطمح فى نشرها، وعلى جانب آخر هناك فتاة حسناء تحب شابا يطمع فى أموالها التى ورثتها ولكن هناك شروطا تضطرها إلى أن تتزوج بشكل مؤقت من أى رجل آخر، وتجد نفسها تعقد قرانها على الشاب منير، الذى يفرح كثيرا بهذا الامر حتى وإن كان الزواج مؤقتا لمدة عام بشروط تفرضها العروس، فهى ترفض ان يدخل غرفة نومها وأن يكون متباعدا عنها، مما يدفع منير إلى تأليف مواقف زوجية كى يجعلها تغير من شروطها وهكذا تتصاعد الاحداث ونعرف تفاصيلها ونهايتها، هذه مقالب لعبها محمد فوزى من اجل اصطياد فاطمة فى فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» وكان عبدالسلام النابلسى هو أيضا الحبيب الذى يجب التخلص منه لأنه بكل بساطة يطمع فى ثروة من تحبه.
كل الأجواء أننا أمام فيلم سرعان ما تم عمل نسخة اخرى منه فى عام تالٍ، نفس المخرج والمؤلف وطاقم التمثيل والبيوت من الداخل، والبدلة الشركستين البيضاء ذات الفيونكة التى اعتاد محمد فوزى ارتداءها فى أغلب أفلامه وهو يغنى لحبيبته «جمالك بيزيد فى عنيا»؛ كى تلين مشاعرها تجاهه بصرف النظر عن تفاصيل الحدوتة أو الشخصيات الثانوية، نحن دايما أمام المقالب والمواقف الساخرة والمشاعر التى تتبدل إلى النقيض.
وهكذا كانت السينما فى تلك الفترة، فبنات الأغنياء كل الاهتمام لديهن يذهب إلى الحب والحفلات والبحث عن الثروة السهلة، وأهم سمة حدثت فى تلك الأفلام هو اننا رأينا مديحة يسرى فى اطار جديد تماما عن أدوارها من يوسف وهبى وأحمد سالم، وهى التى كانت فى منحنى بالغ الحساسية، وقد اعتاد محمد فوزى ان تكون البطلات امامه من الراقصات او المطربات مثل صباح وليلى مراد وشادية ونور الهدى وتحية كاريوكا وسامية جمال، ولكن بالنسبة لمديحة يسرى، فلم يكن لها فى الغناء أو الرقص بالمرة وعليه فيجب ان تتساوى مع كل هؤلاء وأن تعمل مع زوجها لأطول فترة ممكنة، فكسبت السينما ثنائيا مختلفا تماما فبقى فى تاريخ السينما دليل على براعة المخرجين، وعلى رأسهم حلمى رفله ونيازى مصطفى.
أشرنا إلى أن على الزرقانى قد تأثر كثيرا بأسلوب استاذه الإبيارى وهو الذى تعاون معه فيما بعد فى اكثر من عمل مثلما حدث فى «الزوجة ١٣»، فلا نعرف مَن منهما ترك أثره على الآخر فى هذا الفيلم بالذات.
مثلما أشرنا فإن أبوالسعود الابيارى كان مهموما بموضوع واحد يكرره فى اغلب أفلامه منها «فاطمة وماريكا وراشيل» الذى يعتبر النسخة الأصلية لأفلام اخرى، ومنها «انت حبيبى»؛ حيث ان هناك امرأة تتمنع على بطل الفيلم وتحب رجلا آخر هو فى الغالب عبدالسلام النابلسى الذى ترتبط به المرأة لفترة طويلة لكن هناك فترة سماح عاطفية بين البطلين تتحول خلالها المشاعر من خلال زواج مؤقت وتبدأ حياة جديدة وفى فيلم «نهاية قصة» فإن موضوع البنت الغنية التى تقع فى طريق رجل يدعى الفقر سوف تكتشف فى نهاية فترة التوافق أنه ابن فلان باشا، بمعنى أنه فى هذه الأفلام لن تمتزج دماء الفقراء بعواطف الأثرياء، فلكل طبقة اجتماعية قوانين العشق الخاصة بها ومحمد منير فى هذا الفيلم هو عاطل بالوراثة يهوى التأليف وينتظر ان تفوز قصته فى المسابقة، مثلما كانت هواية يوسف جلال فى فيلم «فاطمه وماريكا وراشيل» هى خطبه البنات من جميع الأديان وقد تكرر ظهور نفس الممثلين بين فيلم اليوم والفيلم السابق الذكر فيتكرر وجود محمد فوزى ومديحة يسرى واسماعيل يس والنابلسى، وعلى كلٍ فنحن أمام أغنيات من نفس النمط وتحس أنه لا جديد لكننا الآن نشعر كم هى ممتعه مشاهدة «نهاية قصة» وأيضا «من اين لك هذا» و«بنات حوا» وكل الأفلام التى جمعت بين مديحة يسرى وزوجها.
ملحوظه: رغم وجود اسم الزرقانى على هذا الفيلم فإننى أشاهده فى كل مرة من مذاق الإبيارى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved