الصندوق الدائم لإسرائيل.. صندوق دائم للأبرتهايد

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الجمعة 19 فبراير 2021 - 6:35 م بتوقيت القاهرة

تعرّفوا على الصهيونية فى سنة 2021: «انقذوا» أراضى الضفة الغربية بواسطة الصندوق الدائم لإسرائيل [كييرن كييمت ليسرائيل]، «انقذوا أراضى» فى الجليل أيضا، كى لا تقع الأراضى المقدسة فى أيدى الإسرائيليين النجسين الذين هم ليسوا يهودا. إذا كان هناك مَن لديه شك فى الطابع القومى العنصرى، نعم العنصرى، للصهيونية فى ردائها المعاصر، جاء رئيس الكيرن كييمت إبراهام دوفدوفانى وأزال آخر الشكوك.
مثل نصوص صهيونية كثيرة أُخرى، أيضا المقابلة الأخيرة التى أجراها معه كالمان ليفسكينر من قناة «كان 11» الأسبوع الماضى، يجب ترجمتها إلى لغة أوروبية، كلمة لاستبدال العرب بيهود ــ كى نصدم. عندما يكون النص بالعبرية ويتعلق بالعرب يبدو أنه لا يصدم أحدا فى إسرائيل. «ساعدونى، جارى يريد أن يبيع الأرض ليهودى» يقول المُعادى للسامية الحقير. «ساعدونى، جارى يريد أن يبيع الأرض لعربى»، يقول الصهيونى النقى الأخلاقى. هذه هى الصهيونية كما قال لنا أحد زعمائها.
هذه سنة 2021 وليس سنة 1921، الدولة قامت وتحولت إلى قوة عظمى، لكن شيئا لم يتغير فى الجشع العقارى لهذه الحركة المنحرفة. لنضع جانبا الاستخدام المبتذل لمصطلح «إنقاذ الأرض» ــ كبرنا على هذا الشعار مكتوبا على الصندوق الأزرق، وغسيل دماغنا بدأ منذ ذلك الحين ــ ولا نسأل مَن الذى ننقذ الأرض منه ولمصلحة مَن. لكن كيف يمكن لممثل مؤسسة صهيونية التحدث عن شراء أراض فى الجليل الإسرائيلى، العربي ــ اليهودى، فى دولة من المفترض أنها ديمقراطية، من أجل إنقاذها كى لا تقع فى أيدى مواطنين عرب.
دوفدوفانى، الجليل ليس ملكا لك، هو ملك لسكانه الذين لحسن الحظ لم يُطرَدوا كلهم على يدى آباء الصهيونية فى سنة 1948، لذلك بقيت المنطقة الأخيرة من البلد التى يوجد فيها أكثرية عربية. ما السيئ فى ذلك؟ هذا جيد فقط. هذه أرضهم، تماما كما هى أرضك، وأكثر منك قليلا، لأنهم بعكسك كانوا من سكان هذه الأرض منذ أجيال.
كنا فى كل يوم جمعة نرتدى الأزرق والأبيض ونضع نقودا فى الصندوق الأزرق. كان الهدف حينها جمع التبرعات من أجل شراء أراض من مالكيها العرب. صدَّقنا أن هذا هو الإنقاذ. كنا مغفلين وسذجا. اليوم أيضا يفكر معظم الإسرائيليين اليهود بنفس الطريقة. الدليل أنه يمكن الحديث عن إنقاذ الأرض من دون أن تكون مع إيتمار بن غفير، بل مع التيار المركزى فى الصهيونية.
يروى دوفدوفانى كيف بدأ تحركه. اتصل به أحد سكان الجليل مؤخرا وبلّغه أن جاره على وشك أن يبيع أرضه لعرب. هنا دخل إلى الصورة وأنقذ الأرض المسكينة. «كى لا نضطر غدا إلى شراء الأرض من العرب».
الفساد فى الصندوق الدائم لإسرائيل يمكن أن نشم رائحته من بعيد. وحقيقة أن حزب العمل وحركة ميرتس شريكان فى هذا المشروع الوطنى النتن هو دليل قاطع على ما آل إليه اليسار الصهيونى. «شركة من أجل المنفعة العامة»، معظم أراضيها هى أراض نُهبت من أصحابها فى النكبة ولم تعد إليهم أبدا؛ شركة غطت على تدمير مئات القرى العربية، فقط كى تمحو وجودها من الأرض وتلغى إمكان عودتها إلى أصحابها؛ شركة باعت طوال سنوات أراضى لليهود فقط، ومنذ سنة 2009 رسّخت ذلك فى قرار رسمي؛ بالنسبة إليها لا يوجد احتلال ولا يوجد خط أخضر ــ بل دولة واحدة من نهر الأردن إلى البحر، وفيها يشترى الأرض أبناء شعب واحد فقط؛ والآن أعلنت أيضا رسميا مشاركتها فى جريمة حرب تسمى المستوطنات، بعد أن فعلت ذلك طوال سنوات من خلال شركات وهمية.
على طاولات هذه الشركة كلنا أمضينا نزهات فى حضن الطبيعة، الشركة الخضراء من أجل المنفعة العامة ليست سوى شركة عنصرية كريهة. كان يجب تفكيكها منذ سنوات. والآن يجب مقاطعتها.
إلى أولئك الذين لا تزال لديهم شكوك، هل هذا أبرتهايد أم لا، يتعين عليهم أن يتعرفوا على الصندوق الدائم لإسرائيل. مع أعضاء من اليمين ومن اليسار، وأيضا من ميرتس فى الإدارة وفى الأعمال ــ تعرفوا على الصندوق الدائم للأبرتهايد، رمز الإجماع الإسرائيلى.

جدعون ليفي
محلل سياسى
هاآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved