أسئلة مشروعة

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 19 مارس 2015 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

لا ينكر نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى فى تقديم صورة جيدة لمصر إلا جاحد، ولا ينكر حالة البهجة التى أشاعها لدى عموم المصريين إلا من كان على قلبه وبصره غشاوة وأستعيذ بالله أن أكون من هؤلاء.

فهذا المؤتمر الذى شاركت أغلب دول العالم فرض مصر على وسائل الإعلام العالمية بصورة جديدة ومختلفة عن تلك الصورة التى اعتادت وسائل الإعلام عليها خلال السنوات الماضية. فلأول مرة منذ شهور طويلة تحمل أخبار مصر فى وسائل الإعلام العالمية صورة إيجابية غير صور القتل والإرهاب والتخريب التى أغرقنا فيها الإرهابيون.

نحن إذن أمام حدث جيد ونجاح تنظيمى واضح ومشهد مبهج بلا شك. لكن هذا النجاح الذى أسعدنا جميعا يجب ألا يكون سببا ولا مبررا لحجب الأسئلة الأكثر أهمية والأشد تأثيرا على المستقبل لأننا أمام عقود وصفقات بعشرات المليارات من الدولارات وتنفيذ بعض هذه العقود سيمتد إلى ما بعد فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو ما يعنى ضرورة الكشف عن تفاصيل تلك العقود والصفقات وشروطها لأن «الشيطان يكمن دائما فى التفاصيل».

من حق كل مصرى أن يعرف شروط الودائع الخليجية القادمة، ومن حق كل مصرى أن يعرف شروط عقد شركة سيمنز لإقامة محطات الكهرباء وعقد جنرال إلكتريك لتطوير محطات الكهرباء القائمة. ومن حق كل مصرى أن يعرف شروط عقد شركة بريتش بتروليوم وشركة إينى وغيرهما. ومن حق كل مصرى أن يعرف كيف تم التوصل إلى «التفاهم» بشأن العاصمة الجديدة مع الجانب الإماراتى وما هى شروط هذا التفاهم. وكيف تم اختيار موقع العاصمة الجديدة؟ وما هى الدراسات التى أجريت للوصول إلى هذا الاختيار؟ ومن هى الجهة التى أجرتها؟ وقبل كل ذلك وبعده، هل الوضع المالى والاقتصادى للبلاد يسمح باستثمار نحو 400 مليار جنيه فى المرحلة الأولى من هذا المشروع أم أن هناك مجالات أخرى يمكن أن تكون أجدى وأكثر إلحاحا لاستثمار هذه الأموال فيها إن وجدت؟

وبعد كل هذا وقبله هناك السؤال الأهم وهو هل تتضمن هذه العقود والاتفاقيات شرطا يبيح للبرلمان المنتظر إعادة النظر فى شروطها أو طلب تعديلها دون أن تقع البلاد تحت طائلة التعويضات الهائلة لأن الدستور يعطى البرلمان هذا الحق؟

بالطبع هناك الكثيرون من المصريين الذين يؤيدون الرئيس عبدالفتاح السيسى بلا تحفظ، ربما يتنازلون عن حقهم فى معرفة ما يجب معرفته لثقتهم المطلقة فى قيادة البلاد، لكن تنازل هؤلاء وإن كانوا الأغلبية عن حقهم لا يعنى أبدا حق الحكومة فى الاحتفاظ بتفاصيل وشروط هذه العقود والاتفاقيات داخل الأدراج المغلقة.

أخيرا من حق الشعب معرفة التفاصيل لأنه ببساطة هو من سيدفع الثمن. ومن حق الحكومة أن تشرك الشعب فى تحمل المسئولية بالمعرفة لأنه هو من سيجنى الثمار، أما الاتفاق غير المكتوب على اكتفاء الشعب بدور الجمهور الذى «يشجع اللعبة الحلوة» فلن يكون فى صالح أحد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved