تركيا والبابا والإبادة الأرمنية

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 19 أبريل 2015 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

افتتح البابا فرنسيس الأحد الماضى الاحتفالات بمرور مائة سنة على مجازر الأرمن فى ظل السلطة العثمانية ولأول مرة يصف حبر رومانى وفى إطار رسمى بأنها «أول إبادة جماعية فى القرن العشرين» وكان رد الفعل الرسمى التركى هو سحب سفيرها لدى الفاتيكان للتشاور واعتبرت كلمات البابا سبب «أزمة ثقة» وكتب وزير الخارجية على موقع توتير: «لا يمكن قبول تصريح البابا الذى لا يمت للوقائع القانونية والتاريخية بصلة والسلطات الدينية ــ يجب ألا تكون جهة تحريض على الحقد والكراهية». وكذلك عملت الحكومة التركية على تلاوة آيات من القرآن الكريم داخل متحف أجيا صوفيا بإسطنبول لأول مرة منذ 85 سنة، هذا الصرح الذى كان فى الأساس كاتدرائية ثم تحول إلى مسجد على أيدى العثمانيين وطمست أيقوناته بالجبس ثم بعد ثورة أتاتورك تحول إلى متحف ونجد فيه أيقونات للسيد المسيح والسيدة العذراء جنبا إلى جنب مع آيات القرآن الكريم وكان البابا القديس الراحل يوحنا بولس الثانى وقع عام 2000 بيانا مشتركا مع البطريرك الأرمنى يديـن «الإبادة الأرمنية».

وتحيى أرمينيا الذكرى المئوية للمجازر فى 24 أبريل وهو يوم شهد عام 1915 اعتقال مئات من الأرمن تم قتلهم فى إسطنبول، وشكل بداية المجازر التى ترفض تركيا الاعتراف بأنها كانت عملية تصفية ممنهجة نفذتها السلطة العثمانية، معتبرة أن الأرمن الذين توفوا فى تلك الفترة سقطوا نتيجة للجوع أو معارك ساندوا خلالها روسيا عدوة السلطنة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى.

ويقدر عدد الأرمن الذين قتلوا بين 1915 و1917 قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية بـ5. 1 مليون شخص، واعترفت دول بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا، بالمجازر بوصفها «إبادة» لكن الولايات المتحدة ودولا حليفة لتركيا تمتنع عن استخدام هذه الكلمة، لئلا تسوء علاقاتها مع أنقرة.

وكان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قدم فى 2014 تعازى بلاده «إلى أحفاد الأرمن الذين قتلوا عام 1915» متحدثا عن «آلام مشتركة» لكن رفضت تعازيه، ومطالبته بالاعتراف بإبادة الأرمن والتعبير عن «الندم» عليها، وتركيا لا تريد أن تعترف «بالإبادة الجماعية» لأسباب رئيسية أهمها:

1 ــ ألا ترتبط الإبادة الأرمنية التى نفذها العثمانيون بالإبادة اليهودية التى نفذها النازيون رغم أن التاريخ يحكى لنا أن هتلر قال لجنرالاته فى عام 1939 عن«الإبادة اليهودية» من يتذكر «إبادة الأرمن» الآن.

2 ــ منذ أكثر من 85 سنة وتركيا ترفض الاعتراف بالإبادة الأرمنية ولوت الحقائق التاريخية فلا يمكن أن تظهر بمظهر الكذاب الآن.

3 ــ تركيا لا تريد أن تعترف بهذه الإبادة حتى لا تقع تحت العواقب الجنائية ودفع التعويضات المالية وإرجاع المسروقات التى نهبت من بيوت الأرمن ومتاحفهم وكنائسهم وأديرتهم.

4 ــ تتحجج تركيا بأن الإبادة الأرمنية كانت فى عهد الحكم العثمانى وهم الآن تحت حكم جمهورية تركيا وذلك للتهرب من كل ما سبق.

وحرص البابا على استخدام كلمة «إبادة» فى الإطار الرسمى لكاتدرائية القديس بطرس وأضاف أن «أساقفة وكهنة ورجال دين ونساء ورجالا ومسنين وحتى أطفالا ومرضى بلا حماية، قتلوا فى حملة تصفية رهيبة وجنونية تذكرهم ضرورى، بل واجب، إذ كلما تخفت الذكرى يبقى الجرح مفتوحا. إن إخفاء الشر أو إنكاره مثل ترك جرح ينزف ولم يندمل».

وخلال القداس، منح البابا فرنسيس القديس جريجوريوس الناريكى الذى عاش فى القرن العاشر لقب «معلم الكنيسة الجامعة» وذكر بأن أرمينيا هى أول أمة مسيحية أعلنت المسيحية دين الدولة عام 301.

لقد عاش الأرمن فى مصر وسوريا والأردن وفلسطين بل انتشروا فى أرجاء المعمورة بل كانوا لهم تواجد فى مصر فى عصر محمد على وكان أول رئيس وزراء إنذاك نوبار باشا الذى كان أرمينيا وهم فى كل كتبهم ووثائقهم ممتنون للبلاد العربية التى استقبلتهم وإلى اليوم وبرغم أن أرمينيا أصبحت دولة مستقلة إلا أنهم لم يتركوا بلادنا التى انثقفوا فيها وتعايشوا معنا بل انصهروا فينا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved