شاكوش ورؤساء الأحياء.. والمخالفات

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 19 أبريل 2021 - 7:45 م بتوقيت القاهرة

متى تصبح محاسبة المتورطين فى مخالفات البناء، سياسة دائمة، بحيث تشكل ردعا لكل من تسول له نفسه مخالفة القانون؟!
أطرح هذا السؤال لعدة أسباب، أولها أننا بصدد اللوائح الجديدة للبناء، وثانيا: ثلاثة أحداث مهمة خلال الأيام القليلة الماضية.
الحدث الأول هو القبض على أحد رؤساء الأحياء فى محافظة القاهرة خلال قيامه بأعمال بناء مخالف فى حى الدقى. أغلب الظن أن رئيس الحى المقبوض عليه كانت هوايته تسهيل مخالفة القانون فى الحى الذى يعمل فيه، ويقع جنوب القاهرة، وربما قال لنفسه إذا كنت أسهل البناء المخالف للآخرين، ألا استحق أن أفعل ذلك لنفسى. وأغلب الظن أنه حاول استغلال وظيفته فى محاولة الالتفاف على القانون.
الحدث الثانى هو إغلاق كافيه يملكه مطرب المهرجانات حسن شاكوش، فى اليوم الأول لافتتاحه بمدنية نصر، وإلقاء القبض على المطرب و١٩ شخصا مرافقين له تبين أنهم أفراد حراسة. وأخلت النيابة سبيله بكفالة ٢٠ ألف جنيه.
وقررت الأجهزة المعنية إغلاق كافيه شاكوش بالشمع الأحمر والتحقيق معه بتهمة عدم الحصول على ترخيص أو الحصول على إذن تشغيل وكذلك الاستحواذ على جزء من الرصيف العام وقطع الطريق. والتهم الموجهة لشاكوش عقوبتها السجن وغرامة ٥٠ ألف جنيه.
والحدث الثالث كان فى مدينة نصر أيضا، حيث قامت قوات الأمن بهدم الواجهة الخارجية لكافيه يملكه اليوتيوبر عمرو راضى لأنه غير مرخص، كما أنه يقدم الشيشة للزبائن فى مخالفة للإجراءات الاحترازية المعلنة.
شكرا لكل الأجهزة المعنية التى تحركت فى هذه الحوادث الثلاثة، وشكرا لكل مسئول يؤدى عمله ويحارب الفساد فى قطاع المحليات.
لكن نسأل مرة أخرى: متى تصبح هذه الحوادث الفردية سياسة عامة، بحيث يتم محاسبة ومساءلة ومعاقبة كل من يخالف القانون، سواء كان مواطنا يبنى من دون ترخيص، أو مسئولا يسهل له ذلك؟!
الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، لأن ثقافة مخالفة القوانين، فى قطاع المحليات، خصوصا البناء المخالف، صارت راسخة ومعشعشة فى عقول الكثيرين، والدليل هو إعلان الكثير من أركان الحكومة أن البناء المخالف للقانون يزيد عن ٥٠٪، وهو ما يشكل تحديا لأى عملية إصلاح لهذا الوضع شديد العشوائية.
هذا الرقم أعلنه أكثر من مرة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى حيث قال: «البناء غير المخطط %50 من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية، وهذا الوضع أدى إلى وجود حجم هائل من المشكلات والتحديات وأصبحنا نلمسها على أرض الواقع».
أهمية القبض على الشخصيات العامة مثل رئيس حى أو مطرب أو يوتيوبر مشهور مهمة جدا، لأنها تبعث برسالة شديدة الأهمية أن هناك رغبة جادة فى معاقبة الجميع، إذا خالفوا القانون.
لكن كيف يصبح ذلك ثقافة عامة؟
للأسف الإهمال والفساد مترسخ فى المحليات منذ عقود، لدرجة أن بعض المسئولين فى المحليات ــ وليس كلهم بالطبع ــ يتعامل مع الفساد وكأنه حق مكتسب.
لا أستطيع أن ألوم كثيرا أصحاب البنايات المخالفة، لأن العديد منهم كان يريد أن يسلك الطريق القويم والصحيح، لكن موظفى المحليات لا يساعدونه فى ذلك، والبعض الآخر يهوى مخالفة القانون، وهذا لا يمكن أن يحدث من دون وجود موظف أو مهندس فاسد فى المحليات.
مرة أخرى مهم جدا معاقبة كل المخالفين خصوصا المشاهير منهم، لكن بجانب ذلك فإن الأكثر أهمية، هو أن يصبح ذلك جزءا من ثقافة عامة لدى المجتمع بأكمله، ولن يحدث ذلك، من دون أن تكون الحكومة وأجهزتها المختلفة ذات الصلة بهذا الملف جادة أولا فى تطبيق القانون، وأن توقف كل أنواع الاستثناءات، والأهم أن تسهل للمواطنين العاديين كل الإجراءات لكى يقوموا بالبناء طبقا للقانون.
تعطيل القانون وتعقيده، يستفيد منه فى الأساس الموظفون الفاسدون فى قطاع المحليات. وبالتالى مطلوب معالجة المشكلة من المنبع. القبض على المخالفين مهم لكنه جزء بسيط من المشكلة. الأهم إغلاق منافذ الفساد، وليس فقط على القبض بعض الفاسدين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved