لا مبالاة دول الشرق الأوسط تجاه الحرب الأوكرانية إنذار لأمريكا

مواقع عسكرية
مواقع عسكرية

آخر تحديث: الخميس 19 مايو 2022 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Defense One مقالا بتاريخ 12 مايو للكاتب جون ألترمان، يقول فيه إن التضامن الدولى بشأن إدانة الغزو الروسى لأوكرانيا لا يمثل أى مؤشر على ضمان حصول الولايات المتحدة على دعم واسع من العالم، فرغم هذا التضامن توجد لا مبالاة فى اتخاذ أى إجراءات حقيقية لردع روسيا، وأن هذه اللا مبالاة ستستفيد منها الصين فى مواجهتها مع الولايات المتحدة.. نعرض من المقال ما يلى.
مر، الآن، أكثر من شهرين على التضامن الدولى بشأن الغزو الروسى لأوكرانيا، حيث صوَّت أكثر من 140 دولة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعى إلى إنهاء الهجوم الروسى، مع امتناع 35 دولة عن التصويت. قد يعتقد الكثير منا أن التصويت دليل على أن النظام الدولى القائم على القواعد والذى كانت الولايات المتحدة ترعاه لمدة 75 عاما ما زال على قيد الحياة وبصحة جيدة.
لكن الحقيقة عكس ذلك، أزمة أوكرانيا تعد تحذيرا صارخا من أن النظام الدولى الذى أنشأته الولايات المتحدة الأمريكية يتداعى. بعبارة أخرى، الدعم الدولى للعقوبات ضد روسيا يكاد يكون غير موجود خارج أوروبا وشمال شرق آسيا، ففى المناطق الأخرى لا توجد رغبة حقيقية فى اتخاذ أى إجراءات للتأثير على الأفعال الروسية. ولا يوجد مكان يتجلى فيه هذا أكثر من الشرق الأوسط.
الولايات المتحدة لديها عدد من الحلفاء فى الشرق الأوسط الذين قادوا معظم القتال العسكرى الأمريكى فى نصف القرن الماضى، حينما دفع التهديد السوفيتى الجهود الأمريكية المبكرة إلى المشاركة الإقليمية لعرقلة الجهود السوفيتية للوصول إلى النفط الشرق أوسطى. ومع زوال الاتحاد السوفيتى، تحول الكثير من تركيز الولايات المتحدة نحو تعزيز الاستقرار فى المنطقة؛ كتأمين تدفقات الطاقة العالمية، وردع إيران، وحماية الدول من صدام حسين، وحماية الحكومات الإقليمية من التهديدات الإرهابية العابرة للحدود التى لها جذور فى مجتمعاتها.
على نطاق واسع، كان الجهد المستمر هو إحاطة المنطقة بنظام قائم على القواعد بقيادة الولايات المتحدة. ولعقود من الزمن، كرست الولايات المتحدة الأموال والأرواح فى السعى لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، فى خضم الغزو الروسى لأوكرانيا، لا يرى شركاء الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط الكثير من الجاذبية فى تعزيز هذا النظام القائم على القواعد. وبدلا من ذلك، فإنهم يتهربون من اختيار وتفضيل طرف فى هذه الأزمة، بحجة أن مصالحهم الاقتصادية والأمنية مع روسيا تمنعهم من ذلك.
يجادل البعض بأن هذا مردود لمقاربة إدارة بايدن التى يفترض أنها ناعمة تجاه إيران، أو لنهجها المتشكك فى الحقوق الفلسطينية، وهذا كله يعكس الاعتقاد بأن الولايات المتحدة قوة متراجعة فى المنطقة. وبطريقة التفكير هذه، فإن الأدوار المتغيرة للقوى الخارجية تتطلب من الدول الإقليمية أن تتبنى استراتيجية تحوط أكثر حرصا.
بالنسبة لصناع السياسة فى الولايات المتحدة، ينبغى أن يكون جرس الإنذار قد دق. إن الفكرة القائلة بأن هناك دعما واسع النطاق لنظام تقوده الولايات المتحدة وقائم على القواعد غير صحيح. فبالنسبة لمعظم دول العالم، بما فى ذلك تلك التى كانت قريبة من الولايات المتحدة لعقود من الزمان، فإن الحفاظ على سيادة القانون فى أوكرانيا لا يثير القلق كثيرا. سوف يسعون إلى تعزيز علاقتهم الثنائية مع الولايات المتحدة، لكن ليس لديهم مصلحة فى الانحياز إلى جانب فى صراعات القوى العظمى، ولا يشعرون بالحاجة إلى القيام بذلك.
أما بالنسبة للصين فهى نوع مختلف تماما من القوة الكبرى، ونوع مختلف من المنافسين فى مقابل روسيا. فعلاقات الصين الاقتصادية مع معظم دول العالم أكبر من العلاقات التى تربطها بروسيا. وهذا يثير سؤالا خطيرا للغاية: هل هناك أى مبرر للاعتقاد بأن العالم سيصطف مع الولايات المتحدة فى أى نزاع مستقبلى مع الصين؟
الإجابة ببساطة شديدة هى أن اللا مبالاة العالمية تجاه تصرفات روسيا فى أوكرانيا تمثل انتصارا للدبلوماسية الصينية، التى تجادل بأن الدول لا تحتاج إلى الاختيار بين العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة وبين منافسيها من القوى الكبرى. إن اعتقاد الولايات المتحدة أن ثلاثة أرباع قرن من القيادة العالمية ستمنحها ميزة فى المواجهة مع الصين هو على الأرجح خطأ، ومواقف دول الشرق الأوسط تجاه أوكرانيا بمثابة مؤشر. باختصار، الحفاظ على القوة الاقتصادية مهم فى القتال، لذلك من المرجح أن يظل حلفاء الولايات المتحدة فى صراعها ضد الصين بعيدا عن المعركة.
صفوة الحديث، التحذير الصادر من الولايات المتحدة بشأن الحرب فى أوكرانيا، وعدم الاهتمام العام فى العالم، مؤشر على شكوك أعمق بكثير تجاه القيادة العالمية للولايات المتحدة. فإذا تمكنت الولايات المتحدة من الحصول على الدعم فقط عندما تعتقد البلدان أن من مصلحتها المباشرة القيام بذلك، فهى فى عالم مختلف كثيرا عما أقنعت نفسها به.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved