ما بين التكفير والإقصاء

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 19 يونيو 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

خلال الأيام الماضية حدث ما كنا نخشى منه، وهو استدعاء «الدين» لصد موجة الرفض السياسى المتصاعد لحكم الإخوان المسلمين، مما قد يفتح الباب لاستخدام العنف، ويسبغ «الشرعية» عليه، ويلقى على الانقسام السياسى فى المجتمع بردة دينية.

 

بالطبع من حق الإخوان المسلمين وحلفائهم أن يدافعوا عن الرئيس محمد مرسى، ويرون فى المشهد الحالى ما لا يراه غيرهم، ولكن ليس من حقهم «تكفير» خصومهم، أو تحويل الصراع السياسى فى المجتمع إلى نزاع دينى. هذه خطوط فاصلة فى العلاقة بين «السياسى» و«الدينى»، والخلط بينهما إلى حد تكفير المعارضة أو تصويرها على أنها جزء من فسطاط «الكفر» الذى ينازع فسطاط «الإيمان» يكشف عن أن المخاوف المعتادة من توظيف «الإسلام السياسى» للدين من أجل مآرب سياسية ليست جميعها مبالغا فيها. وكم هو لافت أن نرى حزب النور «السلفى» يرفض تكفير المعارضة بينما القوى الإسلامية المتحالفة مع الإخوان المسلمين تلجأ إلى هذا السلاح المميت لأى ديمقراطية.

 

الواضح أن غياب الإنجاز السياسى والاقتصادى، وسوء الإدارة فى مواجهات أزمات داخلية وخارجية قاسية يدفع مناصرى الرئيس محمد مرسى إلى مواجهة الاحتجاجات السياسية الصاعدة بتصوير الحراك المعارض على أنه مؤامرة على «الإسلام»، وتدنيس المعارضين شعبيا برميهم بتهم الكفر والفلولية، وتهديد الأقباط من المشاركة فى التظاهرات المعارضة، وهو نفس المسلك الذى اتبع فى مناسبات سابقة.

 

تجييش الشارع باسم الدين خطر، ولعب بالنار، واستدعاء لا مفر منه للعنف. هذه ليست معركة «إيمان» فى مواجهة «كفر»، أو «مسلمين» فى مواجهة «مسيحيين» أو «سنة» فى مواجهة «شيعة»، بل هى فى المقام الأول نضال من أجل الديمقراطية، وخروج قطاعات عريضة من المجتمع من الظل إلى الفعالية. وأكاد أجزم أن الناس تخلصت إلى حد ما من «الطائفية» فى النظر إلى الحكم وأحواله، واقتربت من أسس التقييم الديمقراطى من حيث قياس أى نظام وفق المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للإنجاز المتعارف عليها.

 

لا يعنى ذلك أن الأخطاء تأتى فقط من جانب الحكم وحلفائه. الثوار أيضا يخطئون حين ينظرون إلى المشهد الحالى بشىء من الإقصاء للقوى الإسلامية، ويمنون أنفسهم باختفائهم من المسرح السياسى. وهو أمر يصعب أن يحدث، ولا يصح النظر إلى علاقات التنوع بين القوى السياسية من هذا المنطلق. وإذا كان هناك فصيل سياسى يسعى إلى الانفراد بالدولة، لا يكون الرد هو السعى لإقصائه لأنه فى هذه الحالة يحمل رد الفعل نفس خطأ الفعل.

 

يوم «ثلاثين يونيو» الموعود ليس مناسبة ــ  فى رأيى لممارسة التكفير أو الإقصاء لأن هذه لم تكن من روح الثورة المصرية، ولكن لاستعادة «ميدان التحرير» الذى كان استيعابيا وليس استبعاديا، متناغما وليس متنافرا، لم تشعر القوى السياسية باختلافها الطاحن إلا عندما خرجت منه، وعلى مبادئه، وجاء يوم تصحيح مسارها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved