زيناوى فى القاهرة .. حاضنة أفريقية لمصر الثورة؟

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الإثنين 19 سبتمبر 2011 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

«هذه بداية جديدة وفصل جديد فى العلاقة بين مصر واثيوبيا يتجاوز دائرة الشك والتوتر التى سيطرت على علاقة البلدين قبل ثورة 25 يناير».. هكذا تحدث مليس زيناوى، رئيس وزراء اثيوبيا، لوفد الدبلوماسية الشعبية المصرى فى لقاء جرى أمس الأول وبعد توقيعه على عدد من اتفاقات التعاون المشترك بين البلدين. زيناوى، الذى أشاد بدور الدبلوماسية الشعبية فى دفع العلاقة المصرية ــ الاثيوبية إلى بداية جديدة، أكد أن مشروع سد النهضة الاثيوبى لن يضرنا فى مصر ولن يؤثر على مواردنا المائية وأعلن أن حكومته وافقت على تشكيل لجنة مشتركة للتباحث حول السد والوصول إلى قرار توافقى مع الطرف المصرى.

 

طوى صفحة التوتر فى العلاقة مع اثيوبيا وتجاوز التعامل الأمنى لنظام مبارك مع دول حوض النيل هو أهم إنجازات السياسة الخارجية المصرية بعد الثورة. جيد أن نعمق من تعاوننا الاقتصادى والتجارى والسياسى مع تركيا وأن نبحث عن حلفاء جدد فى الشرق الأوسط فى ضوء توجس بعض العرب من الثورة والنظام الديمقراطى الذى نريد بناءه وفى ضوء إعادة التقييم المطلوبة لعلاقتنا مع إسرائيل المستمرة فى ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطينى وحقوقه والحقوق العربية. إلا أن منطقة الشرق الأوسط، وإلى أن ينجح قطار ثورات المواطنين الديمقراطية فى عبور محطات عربية جديدة، لن تمثل حاضنة إقليمية مؤيدة للثورة المصرية على المدى المنظور.

 

أما باتجاه دول حوض النيل، وعلى الرغم من طول الغياب السياسى والاقتصادى المصرى وكذلك شبكة العلاقات المتطورة التى تربط بعض دول الحوض بما فيها اثيوبيا بالغرب وبإسرائيل، فتبدو الحاضنة الإقليمية أقرب للتحقق. فإمكانات التعاون الاقتصادى والتجارى والفنى متوافرة بقوة والتماسك الجغرافى لدول الحوض يسمح بتنفيذ مشاريع لربط الطرق وشبكات الكهرباء وتنشيط التجارة البينية والتواصل الشعبى. وللسودان، شماله وجنوبه، واثيوبيا هنا أهمية قصوى.

 

صورة مصر، التى أساء لها النظام السابق بالتعامل الأمنى وبلغة التهديد والاستعلاء غير المقبولة، تعود اليوم أفريقيا وبعد الثورة لتكتسب أبعادا إيجابية لابد من توظيفها سريعا لتحقيق نقلة نوعية فى العلاقات. والمسئولية هنا لا تقع فقط على عاتق الحكومات فى دول الحوض، بل أيضا على المبادرات الشعبية ومنظمات المجتمع المدنى وقطاعات الأعمال وغيرها. وقد أسعدتنى إشادة زيناوى بجهود الدبلوماسية الشعبية ومطالبته للوفد بالاستمرار فى قيادة «سفينة العلاقات بين مصر واثيوبيا» وتأييده للأفكار التى طرحناها بشأن تأسيس مجالس شعبية مشتركة.

 

وبجانب اثيوبيا وبقية دول حوض النيل والحاضنة الإقليمية التى يمكن أن تمثلها، على دبلوماسيتنا الرسمية والشعبية أن تنشط باتجاه الجوار العربى الديمقراطى فى شمال أفريقيا. ليبيا تنتظر زيارة رئيس الوزراء المصرى، وهى تأخرت، لفتح آفاق تعاون سياسية واقتصادية وشعبية بعد سقوط الديكتاتور. والعلاقات مع تونس، ملهمة الثورات العربية، تحتاج لدفعة جديدة.

 

«لولا ثورة الشعب المصرى العظيمة لما طويت صفحة الشك والتوتر فى علاقتنا».. جملة رائعة وجهها زيناوى لوفد الدبلوماسية الشعبية أضعها تحت نظر من يشوه الثورة اليوم كى يدرك أنه يشوه صورة بهية لمصر التى تخلصت من مستبد ويصر شعبها على بناء الدولة الديمقراطية الحديثة رغم بعض التعثر والكثير من الصعاب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved