دستور يا اسيادنا

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 19 سبتمبر 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

الأيام الأولى من عمل لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور تكشف بوضوح أننا أمام نفس الجمعية التأسيسية التى شكلها الإخوان المسلمون وحلفاؤهم العام الماضى ولكنها هذه المرة بدون «ذقن». فما نراه داخل اللجنة حتى الآن يقول إننا أمام نفس الممارسات والخطايا التى ارتكبها الإسلاميون عند وضع دستور 2012 وهو ما ينذر بدستور يعمق الانقسام أكثر مما يعالجه.

فالمسيطرون على لجنة الخمسين من معسكر التيار المدنى على اختلاف انتمائتهم السياسية يقعون فى نفس خطأ الإسلاميين الذين سيطروا على الجمعية التأسيسية وهو تصور أن للأغلبية حق الانفراد بصياغة الدستور وللأقلية حق المشاركة فقط.

فما حدث من انسحاب ممثل حزب النور السلفى بسام الزرقا من اجتماع لجنة مقومات الدولة احتجاجا على تجاهلها لكل مقترحاته يؤكد المنهج الكارثى الذى يسيطر على عمل اللجنة. فالدستور يا سادة يوضع بالتوافق ووضع مطالب الأقلية فى الاعتبار وليس بطغيان الأغلبية. فاللجوء إلى آلية التصويت داخل اللجنة لإسقاط مطالب الأقلية يعنى أننا سنكون أمام دستور مشوه لا سيما وأن هذه اللجنة جاءت بالتعيين ويسيطر عليها تيار واحد لم ينجح فى الحصول على أى أغلبية فى الاستحقاقات الانتخابية التى أعقبت ثورة 25 يناير.

ما أراه لازما للوصول إلى دستور معبر عن قناعات ومصالح الأغلبية الساحقة من المجتمع هو التوافق والنقاش وليس اللجوء إلى آلية التصويت ذات النتيجة المعروفة سلفا.

فقد وقعنا فى هذا الفخ مع الجمعية التأسيسية العام الماضى عندما استغل التيار الإسلامى وضعه المسيطر داخلها فكان يترك ممثلى الدولة المدنية يتحدثون ويقدمون المقترحات ويعترضون ثم يأتى المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية فيطرح تلك الاقتراحات للتصويت وهو يعلم يقينا أنه سيتم رفضها.

المطلوب هو ألا يخرج أى فصيل من عملية وضع الدستور وقد خسر كل شىء فى حين يخرج فصيل آخر وقد كسب كل شىء. بمعنى أنه عندما يقدم تيار أو حزب خمس مقترحات داخل إحدى اللجان أن يتم الأخذ باقتراح أو أكثر مثلا مما قدم خاصة إذا لم تكن هذه المقترحات تتعارض مع بديهيات مستقرة.

الأمر الثانى ألا يتم وضع الدستور من أجل تهميش أو إقصاء تيار أو فصيل معين لمجرد أنه خسر معركة سياسية فى لحظة حاسمة. فلا نقول إننا سنتبنى نظام الانتخابات الفردى حتى لا يحقق الإخوان المسلمون مثلا مكاسب فى الانتخابات القادمة. ولا نقول إننا سنلجأ إلى نظام القائمة حتى لا يعود الفلول. فالمطلوب الاتفاق على نظام انتخابى يضمن أفضل تعبير عن اختيارات وقناعات الشعب وفى الوقت نفسه يضمن التطور والنمو الطبيعى للتجربة الديمقراطية الوليدة فى مصر.

وأخيرا وليس آخر يجب أن يكون التصويت هو «الملاذ الآخير وليس الاختيار الأول»، سواء كان ذلك داخل اللجنة أو فى الاستفتاء الشعبى. لكن هنا يجب اللجوء إلى ما يعرف فى الغرب باسم «الأغلبية الموصوفة» وليس الأغلبية المطلقة التى تعنى النصف زائد واحد. وأرى ألا تمر أى مادة داخل لجنة الخمسين دون الحصول على موافقة 75% من الأعضاء وألا يمر الدستور فى الاستفتاء الشعبى إلا إذا شارك فى التصويت عليه 51% من الناخبين وحصل على موافقة ثلثى المشاركين فى التصويت لكى نضمن دستورا توافقيا حقيقيا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved